أهل المواقيت والحرم وما بينهما (1) - مخالف لما دل عليه ظاهر الخبرين المذكورين من تفسير الحاضرين بمن دون المواقيت، المؤذن بخروج أصحاب المواقيت، فكيف يمكن حمل الخبرين على مذهبه؟
نعم يمكن أن يقال: إن أقرب المواقيت إلى مكة - كما ذكره في التذكرة - ذات عرق، وهي مرحلتان من مكة، والمرحلتان - كما سيأتي بيانه إن شاء الله (تعالى) - عبارة عن مسافة يومين. وقال في موضع آخر من التذكرة أيضا: إن قرن المنازل ويلملم والعقيق على مسافة واحدة، بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان.
وعلى هذا فتكون هذه المواقيت من مكة مسافة ثمانية وأربعين ميلا التي هي الحد الشرعي في أن من كان دونها إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام، وإلا فلا.
وتوضيح ذلك أنهم قد ذكروا في مسافة التقصير أنها عبارة عن أربعة وعشرين ميلا، وهو بياض يوم باتفاق الأخبار والأصحاب، وثمانية وأربعون ميلا عبارة عن يومين، وإذا ثبت أن هذه المواقيت على مسافة ثمانية وأربعين ميلا فكل من كان دونها إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام. وبه يصح معنى الخبرين من غير اشكال.
ويظهر هذا المعنى أيضا من رواية زرارة، حيث إنه جعل فيها الحد لحاضري مكة هو ما دخل في مسافة ثمانية وأربعين ميلا من جميع نواحي مكة، ثم قال: دون عسفان وذات عرق. فإنه ظاهر في كونهما على مسافة ثمانية وأربعين ميلا من مكة.
إلا أنه ينقدح هنا اشكال آخر في المقام، وهو أن ظاهر صحيحة زرارة ورواية أبي بصير أن عسفان وذات عرق من جملة حاضري مكة، وأنهما داخلان