القوم: لنخرجن حجاجا وشعورنا تقطر؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أما إنك لن تؤمن بهذا أبدا. فقال له سراقة بن مالك بن جشعم الكناني: يا رسول الله صلى الله عليه وآله علمنا ديننا كأننا خلقنا اليوم، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: بل هو للأبد إلى يوم القيامة، ثم شبك أصابعه، وقال: دخلت العمرة في الحج هكذا (1) إلى يوم القيامة. قال: وقدم علي من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمكة فدخل عليه السلام على فاطمة (عليها السلام) وهي قد أحلت، فوجد ريحا طيبة ووجد عليها ثيابا مصبوغة، فقال:
ما هذا يا فاطمة؟ فقالت: أمرنا بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مستفتيا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله: إني رأيت فاطمة قد أحلت وعليها ثياب مصبوغة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أمرت الناس بذلك فأنت يا علي بما أهللت قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله اهلالا كاهلال النبي صلى الله عليه وآله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله:
قر على احرامك مثلي وأنت شريكي في هديي. قال: ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ولم ينزل الدور، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج، وهو قول الله (عز وجل) الذي أنزله على نبيه صلى الله عليه وآله: فاتبعوا ملة أبيكم إبراهيم (2) فخرج النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه مهلين بالحج حتى أتى منى فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر، ثم غدا والناس معه، وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهي جمع ويمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله (عز وجل) عليه: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس