بقي الكلام في أنه قد روى ثقة الاسلام في الكافي في الحسن عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1): " في قول الله عز وجل: ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام (2)؟ قال: من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من بين يديها وثمانية عشر ميلا من خلفها وثمانية عشر ميلا عن يمينها وثمانية عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له، مثل " مر " وأشباهه ".
قال في المدارك بعد ذكر الخبر المذكور: ويمكن الجمع بينه وبين صحيحة زرارة المتقدمة بالحمل على أن من بعد ثمانية عشر ميلا كان مخيرا بين الأفراد والتمتع، ومن بعد بالثمانية والأربعين تعين عليه التمتع.
وروى الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام (3) " في حاضري المسجد الحرام؟ قال: ما دون الأوقات إلى مكة ".
وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام (4) قال: " في حاضري المسجد الحرام؟
قال: ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضري المسجد وليس لهم متعة ".
وهذان الخبران بحسب ظاهرهما لا يخلوان من الاشكال، لأن ما دون الأوقات أعم من أن يكون ثمانية وأربعين ميلا أو أزيد. ولا قائل بذلك. مع ظهور مخالفتهما لصحيحة زرارة المتقدمة وروايته الأخرى. وحينئذ فيجب تقييدهما بعدم الزيادة على الثمانية وأربعين ميلا.
وأما ما ذكره في الذخيرة بعد ذكر الاحتمال الذي ذكرناه - من أنه يحتمل الحمل على التقية لموافقته المحكي عن أبي حنيفة - فلا أعرف له وجها، لأن المحكي عن أبي حنيفة - كما نقله في التذكرة، قال: وقال أبو حنيفة: وحاضرو المسجد الحرام