وقد احتج المحقق الأردبيلي في شرح الارشاد على صحة هذه الدعوى بان الحج فوري، وان مطلق الإجارة يقتضي اتصال زمان مدة يستأجر له بزمان العقد، وهذا يقتضي عدم التأخير عن العام الأول. ثم قال: ولعله لا خلاف فيه، انتهى.
ولا يخفى عليك ان دليله الأول مدخول بمنع فورية الحج بجميع افراده إذ المندوب والمنذور مطلقا لا فورية فيهما. ومع تسليم ذلك فإن الاستئجار هنا عن حج الاسلام، والأخبار الدالة على الفورية إنما دلت بالنسبة إلى من وجب عليه الحج - فإنه تجب عليه المبادرة به ولا يجوز له التأخير - لا بالنسبة إلى نائبه، وفوريتها على الأول لا تستلزم الفورية على الثاني كمالا يخفى. ودليله الثاني مجرد مصادرة على المطلوب. ودعوى ذلك في مطلق الإجارة لم يقم عليه برهان كما ذكره السيد السند (قدس سره) وقد رد بذلك القول المنقول عن الشهيد، ومثله جده في المسالك. وحينئذ فلم يبق إلا ما يشير إليه آخر كلامه من دعوى الاجماع، والاعتماد عليه في أمثال هذه المقامات لا يخلو عن مجازفة.
وقال الشهيد في الدروس: ولو اطلق اقتضى التعجيل، فلو خالف الأجير فلا أجرة له، ولو أهمل لعذر فلكل منهما الفسخ في المطلقة في وجه قوي، ولو كان لا لعذر تخير المستأجر خاصة.
وظاهر هذا الكلام لا يخلو من تدافع، لأن ظاهر صدر الكلام انه على تقدير اقتضاء الاطلاق التعجيل، فلو أخر الأجير عن السنة الأولى إلى الثانية اختيارا ثم حج في الثانية، فإنه وان صح حجه وأجزأ عن المنوب - كما صرح به الأصحاب - واثم بالتأخير فإنه لا يستحق أجرة، مع أن آخر كلامه - باعتبار حكمه بان الأجير المطلق لو أهمل لغير عذر تخير المستأجر بين الفسخ والامضاء - دال على أنه يستحق الأجرة في الصورة المذكورة، حيث إن المستأجر رضى بالتأخير ولم يفسخ