عن غيره وفرط فيه، فإنه متى كانت له عند الله حجة جعلها لصاحب المال، وهذا من جملة ذلك، فإن هذا الحج الذي حج به عن نفسه ولم يكن له مال يحج به مرة أخرى عن المنوب عنه يكتبه الله (تعالى) لصاحب المال.
ولم أقف على من تعرض للكلام في هذه الأخبار من أصحابنا، بل ظاهرهم ردها لمخالفتها لمقتضى قواعدهم، وهو مشكل مع كثرتها وصراحتها، فالظاهر أن الوجه فيها هو ما ذكرناه.
قال السيد السند في المدارك: ومتى مات الأجير قبل اكمال العمل المستأجر عليه أو ما يقوم مقامه بطلت الإجارة إن كان المطلوب عمل الأجير بنفسه - كما هو المتعارف في أجير الحج والصلاة - ورجع الحال إلى ما كان عليه، فإن كانت الحجة عن ميت تعلق بماله وكلف بها وصيه أو الحاكم أو بعض ثقات المؤمنين، وإن كانت عن حي عاجز تعلق الوجوب به. ولو كانت الإجارة مطلقة بأن كان المطلوب تحصيل العمل المستأجر عليه بنفسه أو بغيره لم تبطل بالموت ووجب على وصيه أن يستأجر من ماله من يحج عن المستأجر من موضع الموت خاصة، إلا أن يكون بعد الاحرام فيجب من الميقات. انتهى.
أقول: وهو جيد على قواعدهم التي بنوا عليها، ولكن ظاهر الأخبار المتقدمة - كما عرفت - يدفعه، واطراحها مع كثرتها وصراحتها - من غير معارض ظاهر سوى هذه القواعد التي بنوا عليها - مشكل. وهذا من قبيل ما قدمنا لك قريبا من أنهم يبنون على أصول مسلمة بينهم ويردون الأخبار في مقابلتها، والواجب هو العمل بالأخبار وتخصيص تلك القواعد بها لو ثبتت بالنصوص.
وسيأتي قريبا - إن شاء الله تعالى - ما يؤيد ذلك في مسألة من استؤجر على حج الافراد أو القران فعدل إلى التمتع، أو استؤجر على طريق فعدل إلى أخرى فإن القول بصحة الفعل مع هذه المخالفة وورود الأخبار بذلك دليل على ما ذكرناه