حتى يحج حجة الاسلام، لكن لو حج عن الميت أجزأ عن الميت وإن أثم بتركه الحج عن نفسه. وفيه أنه متى كان صدر الحديث دالا على أنه لا تجوز النيابة في الصورة المذكورة، فكيف يحكم بالجواز بعد ذلك؟ وهل هو إلا تناقض ظاهر وتدافع؟ إذ مقتضى عدم الجواز هو البطلان لو وقع لا الصحة.
وبعض مشايخنا المحدثين - بعد ذكر صحيحة سعد والكلام فيها - أجاب عن قوله في هذه الزيادة في آخر الرواية بتأويلين: الأول - أن الضمير يرجع إلى الجزء الأول من الحديث دفعا لتوهم الراوي أن نيابة الصرورة غير جائزة، والضميرين المجرورين في آخر الحديث إلى الميت، يعني سواء كان على الميت حج واجب أو لم يكن وحج عنه ندبا. الثاني - أن المراد دفع توهم من توهم أنه إذا لم يكن على أحدهما حجة الاسلام فليس لهما ثواب حجة الاسلام، فدفع هذا التوهم بأن كليهما مثابان ثواب حجة الاسلام، فإن استطاع النائب بعد وحج حجة الاسلام كتب الله له ثواب حجة الاسلام ثانيا. وثواب الأولى تفضلي والثانية استحقاقي، كما دل على مضمونه الأحاديث الصحيحة. انتهى. ولا يخفى ما فيه.
والذي يقرب عندي أن هذه الجملة الأخيرة غير متعلقة بالكلام المتقدم لما عرفت من المناقضة، بل هي مبنية على مقدمة مطوية في البين مفهومة من سياق الكلام المتقدم، وهي أنه لما منع في صدر الخبر جواز النيابة متى كان صرورة ذا مال جوز له النيابة بعد الحج من ماله سواء كان ذا مال أو لم يكن، فإنه لما قال في الرواية الثانية -: " فإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله " الدال على عدم جواز النيابة حتى يحج أولا من ماله - قال: " وهو يجزئ عن الميت " يعني متى حج من ماله سواء كان له مال يومئذ أو لم يكن، فإن الأجزاء حاصل على كلا الوجهين. وبعين ذلك نقول في صحيحة سعد. ولا ينافي ذلك التعبير بالصرورة فيها فإنه تجوز باعتبار ما كان عليه. وهذا التقدير في