أقول: الأظهر أن يجعل هذا الوجه مؤيدا لا دليلا، فإنه قاصر عن الدلالة كما لا يخفى، والأحكام الشرعية موقوفة على النصوص في كل حكم.
وورود ذلك في تداخل الأغسال لا يستلزم القول به هنا لو لم يقم عليه بخصوصه دليل بقي الكلام في أن مورد الأخبار المذكورة بالتقريب الذي ذكرناه هو الدلالة على الحكم الأول من الحكمين المنقولين عن النهاية، وأما الحكم الثاني - وهو ما إذا نوى حج الاسلام وأنه لا يجزئ عن المنذور - فعلله في المدارك بأن الحج إنما ينصرف إلى النذر بالقصد، بخلاف حج الاسلام فإنه يكفي فيه الاتيان بالحج ولا يعتبر فيه ملاحظة كونه حج الاسلام. انتهى، ولا يخفى ما فيه من عدم الصلوح لتأسيس حكم شرعي وبنائه عليه.
ولعل الأظهر أن يقال: إن العبادات أمور توقيفية يتوقف الحكم فيها على ظهور الأدلة الشرعية والأخبار النبوية، قام الدليل على التداخل في الصورة الأولى، وكذا دلت صحيحة رفاعة (1) على أنه إذا حج عن غيره وقد كان عليه حج النذر ماشيا أنه يجزئه عن حج النذر. وهي صريحة في التداخل في هذه الصورة أيضا. وحينئذ فيجب القول بالتداخل في هاتين الصورتين.
وفي هذه الرواية ما يشير إلى ضعف ما ذكره في المدارك من أن الحج إنما ينصرف إلى النذر بالقصد، فإنه هنا نوى الحج عن غيره ولم يقصد حج النذر مع أنه حكم عليه السلام باجزائه عن حج النذر. وبقي الباقي على مقتضى الأصل من التعدد وعدم التداخل.
وبذلك يظهر لك ما في كلام صاحب الذخيرة هنا حيث إنه - بعد أن نقل عبارة الشيخ في النهاية الدالة على التفصيل - قال ما صورته: وحكى عن الشيخ أيضا القول بالتداخل من غير تفصيل. والأقرب التداخل، لحصول امتثال