عليه السفر إليه بنفسه ومباشرته ولكن السفر يتوقف على المال، ومن أجل ذلك تعلق الحج بالمال بعد الموت.
وما ذكره من مخالفة قواعد الأصحاب إنما يتم لو كانت تلك القواعد مستندة إلى دليل من سنة أو كتاب. ومع تسليم الدليل لها فالتخصيص باب مفتوح في كلامهم، فيجوز خروج هذا الحكم بهذه الأخبار الصحيحة الصريحة في وجوب القضاء، وأي مانع منه؟
وبالجملة فإن حمل القضاء في الأخبار المذكورة على الاستحباب بعيد غاية البعد عن مناطيقها.
وأما حمل قوله عليه السلام -: " هي واجبة على الأب من ثلثه " على الاستحباب المؤكد، وسجل عليه بما ذكره - ففيه أولا - أنه لو لم يكن منشأ الوجوب إلا من التعبير بلفظ الوجوب في هذا المكان لربما تم ما ذكره، كيف؟ وظواهر الأخبار الثلاثة كلها متفقة علي ذلك، فإن قوله عليه السلام في صحيحة مسمع: " فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يحج عنه من ما ترك أبوه " صريح في الوجوب، فإن أوامره صلى الله عليه وآله كأوامر الله (سبحانه) مراد بها الوجوب إلا مع قيام قرينة عدمه، ولا ريب أن هذا اللفظ عند كل سامع أنما يتبادر منه الوجوب، فلو أراد الإمام عليه السلام به الاستحباب من غير قرينة في المقام لكان في ذلك تعمية على السائل وايهام عليه، حيث يجيبه عن حكم مستحب بما هو ظاهر في الوجوب. وقوله في صحيحة ضريس:
" إن كان ترك مالا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجل لنذره " ظاهر في الوجوب. وقوله في صحيحة ابن أبي يعفور: " الحجة على الأب " ظاهر أيضا في ذلك. وبالجملة ظهور الوجوب من هذه الأخبار أظهر من أن يقابل بالانكار.