الأولى - حيث لم ينقل سواها - بالحمل على ما إذا قصد بالنذر حجة الاسلام.
والعجب منهم (رضوان الله عليهم) في ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد عن ظاهر الخبر مع عدم المعارض سوى تعليلهم العليل الذي قدمنا نقله عنهم، فإني لم أقف لهم على دليل سواه، وقد عرفت ضعفه.
ثم العجب من صاحب الوسائل في اقتفائه القول المشهور ومتابعة الأصحاب (رضوان الله عليهم) في تأويل هذه الأخبار، مع أنه لا مستند لهم على أصل الحكم - كما ادعوه - سوى ما عرفت. وهذا من جملة غفلاته وخطراته فإنه لا ريب أن ارتكاب التأويل في الأخبار واخراجها عن ظاهرها إنما يصار إليه عند المعارض الأقوى في المسألة لا بمجرد الشهرة وإن لم تستند إلى دليل. والحكم بالتداخل على الوجه المذكور في الأخبار ليس فيه مخالفة للأصول والقواعد، بل أخبار تداخل الأغسال (1) - كما عرفت - مؤيدة له، فما الموجب إلى رده؟
وأجاب العلامة في المنتهى عن الرواية باحتمال أن يكون النذر إنما تعلق بكيفية الحج لا به نفسه، فيكون النذر إنما تعلق بالمشي وهو طاعة هنا، كما يدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان (2) من قوله عليه السلام: " ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل " وفيه ما عرفت. وبذلك يظهر أن الأظهر ما ذكره في النهاية.
قال في المدارك: ويدل على هذا القول أيضا صدق الامتثال بالفعل الواحد، على حد ما قيل في تداخل الاغتسال، فإن من أتى بالحج بعد الاستطاعة يصدق عليه أنه امتثل الأوامر الواردة بحج الاسلام، ووفى بنذره.