استفظعت ذلك فقال كأنك ضقت مما أخبرتك؟ قلت قد كان ذلك جعلت فداك. فقال لا تضيقن فإنها صديقة لم يكن يغسلها إلا صديق... الحديث " ورواه الكليني والشيخ أيضا، ويشير إلى ما ذكرنا ما نقله في البحار قال: " وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبعي نقلا من خط الشهيد قال: لما غسل علي (عليه السلام) فاطمة قال له ابن عباس: أغسلت فاطمة؟
قال أما سمعت قول النبي (صلى الله عليه وآله): هي زوجتك في الدنيا والآخرة؟ قال الشهيد: هذا التعليل يدل على انقطاع العصمة بالموت فلا يجوز للزوج التغسيل " انتهى.
ويمكن أن يقال - ولعله الأقرب في هذا المجال - بأن صحيحتي الحلبي وزرارة (1) إنما خرجتا مخرج التقية فإن القول بالمنع من تغسيل الزوج زوجته مذهب أبي حنيفة والثوري والأوزاعي كما نقله في المنتهى، ونقل الجواز عن الشافعي ومالك وإسحاق وداود، وعن أحمد روايتين (2) ولا ريب أن مذهب أبي حنيفة في وقته كان هو المشهور والمعتمد بين خلفاء الجور، وغيره من المذاهب الأربعة إنما اشتهر وحصل الاجتماع عليه في الأعصار المتأخرة مما يقرب من سنة ستمائة، وحينئذ فلا يبعد حمل الروايتين المذكورتين على التقية ونقل في المنتهى الاحتجاج عن القائلين بالتحريم بأن هذه الفرقة تبيح نكاح الأخت فوجب أن يحرم النظر إليها كما لو طلقها قبل الدخول. وأما ما نقله في البحار من حديث ابن عباس فهو وإن أشعر بما ذكره إلا أنه لا يبلغ قوة المعارضة لما قدمناه من الأخبار الدالة على الجواز مع أنه غير مروي من طرقنا ولعله من طرق أخبار العامة، ومع تسليم صحته وثبوته ودلالته فلا بد في حمله على التقية أيضا، مع أن المفهوم من بعض الأخبار الذي لا يحضرني الآن موضعها أن كل امرأة لم تتزوج إلا رجلا واحدا فإنها