وقال ابن إدريس: ضرب أعلى الحدود إلى أن ينهى هو عن نفسه من دونها وبعد تجاوز الحد الذي هو الثمانون، فإن نهى عن نفسه قبل بلوغ الثمانين سوطا الذي هو حد شارب الخمر فلا يقبل منه، وضرب إلى أن يبلغه. قال: وهذا تحرير هذه الفتيا، وقد روي أنه يضرب حتى ينهى هو عن نفسه (1) انتهى.
وقال المحقق في الشرائع: ربما كان صوابا في طرف الزيادة وليس بصواب في طرف النقصان، لجواز أن يريد بالحد التعزير (2).
وفي النكت: ولا أستبعد إذا وصل به إلى مائة جلدة أن يقطع عنه الجلد، وإن لم يمنع عن نفسه، لأنه لا حد وراء المائة. وإذا نهى عن نفسه قبل وإن كان دون الحد، لاحتمال أن يكون ذلك توهمه وأنه يسمى حدا، فيسقط ما زاد للاحتمال، إذ لا يثبت بالإقرار إلا ما يتحقق أنه مراد من اللفظ (3).
وفي المختلف: إن حد القواد أقل من ثمانين فكيف يتعين الثمانون، وإن التعزير قد يسمى حدا مجازا، والأصل براءة الذمة، فجاز إرادته (4).
وما اعترض به عليه: من أن اللفظ لا يحمل على المجاز بلا قرينة، ظاهر الاندفاع، لما أشرنا إليه من أن النهي قرينة واضحة عليه. وكذا ما قيل: من أن أمر التعزير منوط برأي الحاكم ولا رأي له ما لم يعرف عين المعصية، فإنه إنما يناط برأيه إذا عرف عينها، وما المانع فيما إذا أقر هذا الإقرار المبهم من أن يكون منوطا برأي المقر.
نعم يمكن أن يقال: لما كان ابن قيس مشتركا ولم ينقل اتفاق الأصحاب على العمل بخبره هذا وكان الأصل البراءة لم يحد هذا المقر ولم يسمع منه إقراره حتى يبين. ويؤيده ما روي عن أنس بن مالك أنه قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجاء رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ولم يسمه، قال: وحضرت الصلاة فصلى مع النبي (صلى الله عليه وآله) فلما قضى الصلاة قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله