(ويكره له أن يشفع في إسقاط) بعض الحق (أو إبطال) كله أو إسقاط الحق كلا أو بعضا بعد الإثبات، أو إبطال الدعوى قبله. فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سأله أسامة حاجة لبعض من خاصم إليه، فقال له: يا أسامة لا تسألني حاجة إذا جلست مجلس القضاء، فإن الحقوق ليس فيها شفاعة (1).
والصلح ليس من الإسقاط أو الإبطال في شيء، فإنهما إبراء وإن كان قد يتضمن ما يقرب منه، أو الصلح قبل ثبوت الحق لإسقاط اليمين أو تجشم الإثبات، أو الصلح بتوسيط ثالث والشفاعة بنفسه.
وقال المفيد: فإن أقر المدعى عليه بما ادعاه خصمه وقال: أريد أن ينظرني حتى أتمحله، قال الحاكم لخصمه: أتسمع ما يقول خصمك؟ فإن قال: نعم، قال له: فما عندك فيه؟ فإن سكت ولم يجب بشيء توقف عليه القاضي هنيئة، ثم قال له: فما عندك فيه؟ فإن لم يقل شيئا أقامه ونظر في أمر غيره، وإن قال: أنظره، فذاك له، وإن أبى لم يكن للحاكم أن يشفع إليه فيه، ولا يشير عليه بإنظاره ولاغيره، ولكن يثبت الحكم فيما بينهما (2). ونحوه في النهاية (3) والكامل (4) والمراسم (5) لكن لم يذكر غير الإنظار.
وفي الكافي: فإن أقام على الإنكار عرض عليهما الصلح فإن أجابا إليه دفعهما إلى من يتوسط بينهما، ولا يتولى ذلك بنفسه، لأن الحاكم نصب للقطع بالحكم فثبت الحكم، والوسيط شافع، ويجوز له في الإصلاح ما يخرج عن الحكم (6). ونحوه في الغنية (7).
وفي السرائر: وإن أبى - يعني الإنظار - فليس للحاكم أن يشفع إليه فيه، ولا يشير إليه بالإنظار، وله أن يأمرهما بالصلح ويشير بذلك، لقوله تعالى: " والصلح