وهل يقدم الأعلم في غير الفقه مع التساوي فيه؟ إن كان أعلم فيما يتوقف عليه العلم بمعاني الكتاب والسنة ويتسبب لازدياد البصيرة فيها كالعلوم العربية، أو فيما له مدخل في المسألة المترافع فيها كأن يتوقف الحكم فيها على مسألة طبيعية أو رياضية أو نحوهما فلا شبهة في التقدم. وبدون ذلك فالظاهر العدم، للأصل، واختصاص الأخبار بالفقه والحديث وإن عم الفقه لغة.
(أما حال ظهور الإمام (عليه السلام) فالأقرب جواز العدول إلى المفضول) وفاقا للمحقق (1) للأصل، واجتماع الشروط في المفضول، والفرق بين زماني الغيبة والحضور (لأن خطأه) في الحضور (ينجبر بنظر الإمام) أي يمكنه مراجعة الإمام فيما يشتبه عليه، وما فيه من الورع يبعثه عليها، فبذلك يضعف احتمال الخطأ في الحكم، بل الغالب أنه لا يرافع أحد في زمن الحضور إلا إلى مأذون بخصوصه من قبله (عليه السلام) في الرفع والرجوع إليه، وما لم يثق الإمام به لا يرخص في الرجوع إليه.
ويحتمل العدم; لعموم الأخبار وقيام الاحتمال. (وهكذا حكم التقليد في الفتاوي) في حالتي الغيبة والحضور.
(ويستحب التولية) أي التولي للقضاء من قبل الإمام (لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطها) أي التولية (على الأعيان) إلا من وجبت عليه عينا، لأنه أمر مرغوب عقلا وشرعا.
قال في المبسوط: وعليه إجماع الأمة إلا أبا قلابة، ثم ذكر أن خلافه لا يقدح في الإجماع، مع احتمال أنه امتنع منه لعلمه بعجزه لأنه كان من أصحاب الحديث ولم يكن فقيها (2). وعن ابن مسعود أنه قال: لأن أجلس يوما فأقضي بين الناس أحب إلي من عبادة سنة (3).