ويتمكن بالولاية من أمر بمعروف ونهي عن منكر، فيجب أن يتوصل بها إلى ذلك.
قال: فإن قيل: أرأيتم لو غلب على ظنه أنه كما يتمكن بالولاية من أمر ببعض المعروف ونهي عن بعض المنكر فإنه يلزم على هذه الولاية أفعالا منكرة قبيحة لولا هذه الولاية لم تلزمه. قلنا: إذا كان لا يجد عن هذه الأفعال القبيحة محيصا ولابد أن تكون الولاية سببا لذلك، ولو لم يتول لم يلزمه أن يفعل هذه الأفعال القبيحة، فإن الولاية حينئذ تكون قبيحة، لا يجوز أن يدخل فيها مختارا (1) انتهى.
وما ذكره من عدم الجواز حينئذ لا يصح على إطلاقه، فإن كثيرا من المنكرات يجوز ارتكابها أو يجب للأمر ببعض المعروفات أو النهي عن بعض المنكرات.
(فإن لم يعلم) من يوليه الظالم من نفسه التمكن من الحكم بالحق (لم يحل له) القبول (إلا مع الإلزام فيجوز) تقية إذا خاف على النفس أو المال أو الأهل من نفسه أو من المؤمنين. واقتصر السيد على الخوف على النفس (2). وعليه بعد التولي التحرز من المظالم والاجتهاد في الحكم بالحق ما أمكنه، فإذا اضطر في واقعة إلى الحكم بالباطل حكم به تقية (إلا أن يكون الحكم في قتل من لا يحل قتله فيحرم مطلقا) إذ لا تقية في الدماء اتفاقا.
(ولو تعين) عليه القضاء بأن لم يكن من يصلح له سواه (وخاف على نفسه الخيانة) إن تولاه لم يسقط عنه، بل (وجب عليه الطلب وترك الخيانة) لتمكنه منهما. (فإن وجد من هو أصلح منه حرم عليه الطلب) لسقوط وجوب الطلب بوجود من فيه الكفاية، ووجوب دفع الخوف.
(وللقاضي) من قبل الإمام العادل (الاستخلاف مع الإذن صريحا أو فحوى أو بشاهد الحال كأن تكون ولايته متسعة لا ينضبط بالواحد) فيجوز له الاستخلاف فيما أذن له صريحا أو فحوى أو شهدت الحال به لا مطلقا.