الأول: في كتاب قاض إلى قاض إنهاء (138) حكم الحاكم إلى الآخر أما بالكتابة، أو القول، أو الشهادة.
أما الكتابة: فلا عبرة بها، لإمكان التشبيه.
وأما القول مشافهة: فهو أن يقول للآخر: حكمت بكذا أو أنفذت أو أمضيت، ففي القضاء به تردد، نص الشيخ في الخلاف: أنه لا يقبل (139).
وأما الشهادة: فإن شهدت البينة بالحكم، بإشهاده إياهما على حكمه (140)، تعين القبول لأن ذلك مما تمس الحاجة إليه. إذا احتياج أرباب الحقوق إلى إثباتها في البلاد المباعدة غالب، وتكليف شهود الأصل التنقل متعذر أو متعسر.
فلا بد من وسيلة إلى استيفائها مع تباعد الغرماء، ولا وسيلة إلا رفع الأحكام إلى الحكام، وأتم ذلك احتياطا ما صورناه.
لا يقال يتوصل إلى ذلك بالشهادة على شهود الأصل (141)، لأنا نقول قد لا يساعد شهود الفرع على التنقل، والشهادة الثالثة لا تسمع.
ولأنه لو لم يشرع إنهاء الأحكام، بطلت الحجج مع تطاول المدد، ولأن المنع من ذلك يؤدي إلى استمرار الخصومة في الواقعة الواحدة بأن يرافعه المحكوم عليه إلى الآخر. فإن لم ينفذ الثاني ما حكم به الأول اتصلت المنازعة. ولأن الغريمين لو تصادقا، أن حاكما حكم عليهما ألزمهما الحاكم ما حكم الأول، فكذا لو قامت البينة، لأنها تثبت ما لو أقر الغريم به لزم.
لا يقال فتوى الأصحاب: أنه لا يجوز كتاب قاض إلى قاض، ولا العمل به.
ورواية طلحة بن زيد والسكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: أن عليا عليه السلام، كان لا يجيز كتاب قاض إلى قاض، لا في حد ولا غيره، حتى وليت بنو أمية، فأجازوا