خير " وما هو خير فللإنسان أن يفعله بغير خلاف من محصل، ويشتبه هذا على كثير من المتفقهة فيظن أنه لا يجوز للحاكم أن يأمر بالصلح ولا يشير به، وهذا خطأ من قائله، وشيخنا أبو جعفر قد أفصح عن ذلك، فقال: إذا ترافع إليه نفسان وكان الحكم بينهما واضحا لا إشكال فيه لزمه أن يقضي بينهما، ويستحب أن يأمرهما بالمصالحة، وإن كان حكمهما مشكلا أخره إلى البيان (1).
(ويستحب إجلاس الخصمين بين يدي الحاكم) لأنه أقرب إلى التسوية، والخطاب معهما أسهل، وأمرهما أوضح، وقد تقدم قول علي (عليه السلام): لولا أنه ذمي لجلست معه بين يديك (2). وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أنه قضى أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي (3). (ولو قاما) بين يديه (جاز). ولا يجوز الإقامة إن لم يرضيا. وإن اختار أحدهما القيام مع جلوس الآخر فقد أسقط حق نفسه من التسوية.
(الفصل الثالث في مستند القضاء) (الإمام يقضي بعلمه مطلقا) في حقوق الله وحقوق الناس اتفاقا كما في الانتصار (4) والغنية (5) والإيضاح (6) وما سيأتي في غيره، ولقول علي (عليه السلام) لشريح في درع طلحة: ويلك أو ويحك إمام المسلمين يؤمن من أمورهم على ما هو أعظم من هذا (7). ولقوله تعالى: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق " (8). وقال: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط " (9). ومن حكم بعلمه فقد حكم بالحق وبالعدل. ولقول الصادق (عليه السلام) في خبر الحسين بن خالد: الواجب على الإمام إذا نظر إلى الرجل يزني أو يشرب خمرا أن يقيم عليه الحد، ولا يحتاج إلى بينة مع نظره،