وقوله (عليه السلام) في الخبر الثاني: " فيطلبان منه الشهادة " بمعنى أنهما يطلبانها منه مع الاستغناء عنه بغيره، لقوله (عليه السلام) أخيرا: " لأنهما لم يشهدا " أي استغنيا عنه بغيره.
ويحتمل الأول والأخير أن يراد بسماع الشهادة سماعها وهي تقام عند الحاكم، بل هو الظاهر، فيكون الاستغناء عنه أظهر، ويكون المعنى أنه إذا سمع الشهود يشهدون بحق ولم يشهد عليه أي لم يطلب منه الشهادة للاكتفاء بغيره كان بالخيار.
ويحتملان أن يراد بسماع الشهادة سماع الإشهاد والتحمل، أي إذا سمع الرجل يشهد على حق والشهود يتحملون الشهادة ولم يدع هو إلى التحمل كان بالخيار بين التحمل وعدمه.
ويحتمل الثاني أن يراد أنهما يطلبان منه تحمل الشهادة، فهو بالخيار بين التحمل والعدم بناء على وجود الغير أو عدم وجوب التحمل على الخلاف، فإن شهد شهد بحق أي: إن تحمل لزمه الأداء وإلا فلا، لأنهما لم يشهداه، أي لم يتحمل الشهادة لهما فأشهدا غيره واكتفيا به، فلم يجب عليه الأداء عينا للاستغناء عنه.
ونفي النزاع المعنوي في المختلف (1) تنزيلا لكلام غير الشيخ على كلامه.
(ولا يحل له الأداء إلا مع الذكر القطعي) كما عرفت غير مرة. (ولا يجوز (2) أن يستند إلى ما يجده مكتوبا بخطه وإن عرف عدم التزوير عليه، سواء كان الكتاب في يده أو يد المدعي) لانتفاء القطع. وللعامة (3) قول بالاستناد إلى ما كان في يده، وآخر بالاستناد إلى ما عرف عدم التزوير فيه (وسواء شهد معه آخر ثقة بمضمون خطه أو لا على الأقوى) وقد مر الخلاف فيه.
(ويؤدي الأخرس الشهادة ويحكم بها الحاكم مع فهم إشارته، فإن خفيت عنه اعتمد على مترجمين) عدلين (عارفين بإشارته ولا يكفي الواحد) لأن الترجمة شهادة، خلافا لأبي حنيفة وأبي يوسف (4) بناء على أنها