الهادي (عليه السلام) (أنه يصدق بغير بينة) رواه جعفر بن عيسى قال: كتبت إليه (عليه السلام):
جعلت فداك، المرأة تموت فيدعي أبوها أنه أعارها بعض ما كان عندها من متاع وخدم أتقبل دعواه بلا بينة أم لا تقبل دعواه إلا بينة؟ فكتب (عليه السلام) إليه: يجوز بلا بينة، قال: وكتبت إليه (عليه السلام) إن ادعى زوج المرأة الميتة أو أبو زوجها أو ام زوجها في متاعها أو خدمها مثل الذي ادعى أبوها من عارية بعض المتاع أو الخدم أيكونون بمنزلة الأب في الدعوى؟ فكتب: لا (1).
قال ابن إدريس: أول ما أقول في هذا الحديث: إنه خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا، وفيه ما يضعفه، وهو أن الكاتب للحديث ما سمع الإمام يقول هذا، ولا شهد عنده شهود أنه قال وأفتى، ولا يجوز أن يرجع إلى ما يوجد في الكتب، فقد يزور على الخطوط، ولا يجوز للمستفتي أن يرجع إلا إلى قول المفتي، دون ما يجده بخطه، بغير خلاف من محصل ضابط لأصول الفقه. قال: ولقد شاهدت جماعة من متفقهة أصحابنا المقلدين لشواذ الكتاب (2) يطلقون القول بذلك، وأن أبا الميتة لو ادعى كل المتاع وجميع المال كان قوله مقبولا بغير بينة، وهذا خطأ عظيم في هذا الأمر الجسيم; لأنهم إن كانوا عاملين بهذا الحديث فقد أخطأوا من وجوه:
أحدها أنه لا يجوز العمل عند محصلي أصحابنا بأخبار الآحاد، على ما كررنا القول فيه وأطلقناه. والثاني أن من يعمل بأخبار الآحاد لا يقول بذلك ولا يعمل به إلا إذا سمعه الراوي من الشارع. والثالث أن الحديث ما فيه أنه إن ادعى أبوها جميع متاعها وخدمها، وإنما قال بعض ما كان عندها، ولم يقل جميع ما كان عندها. ثم إنه مخالف لأصول المذهب، ولما عليه إجماع المسلمين: أن المدعي لا يعطى بمجرد دعواه، والأصل براءة الذمة، وخروج المال من يد مستحقه يحتاج إلى دليل، والزوج يستحق سهمه بعد موتها بنص القرآن فكيف يرجع عن ظاهر