فشهود كل منهما يكذب شهود الآخر والعلم محيط بأن إحدى الشهداء صادقة والأخرى كاذبة؟ فإذا حكمنا بالدار بينهما نصفين فقد أكذبنا شهودهما جميعا، لأن كل واحد منهما يشهد شهوده بالدار كلها دون الآخر، فإذا كانت إحدى الشهود كاذبة والأخرى صادقة فيجب أن يسقط إحداهما ولا سبيل إلى الحكم فيما شهدوا إلا بإلغاء إحديهما ولم نجد إلى إلغاء واحدة منهما سبيلا إلا بالقرعة انتهى (1).
(ولو أنكرهما) الثالث (فأقام أحدهما بينة حكم له) فقد صارا مدعيين معه، فإذا انتزعت العين منه وسلمت إلى من أقام البينة، فإن أراد الآخر ادعى عليه وأحلفه، فإن نكل حلف وأخذها.
(وإن أقاما بينتين) متساويتين عددا وعدالة (أقرع) فمن أخرجته حلف وأخذ الجميع إلى آخر ما مر.
(وإن أقربها بعد إنكاره لهما أو لأحدهما قبل إقراره إذا لم تكن بينة) تخالف الإقرار فيكون في يديهما أو يدي أحدهما. وحكم النزاع في الصورتين معلوم.
(وإن أقر لأحدهما ابتداءا من غير سبق إنكار صار المقر له صاحب اليد) فالعين له إن لم تكن بينة، إلا أن يحلفه الآخر فنكل وحلف الآخر، أو كانت لهما بينتان متعارضتان ورجحنا بينة الداخل. وكذا مع سبق الإنكار إلا أن اليد معه لا يفيد إذا كان الإقرار بعد التحالف أو إقامة البينة إلا إذا أقاما بينتين وقبل الترجيح بينهما أقر لأحدهما، فإنه بصيرورته حينئذ صاحب اليد يترجح بينته أو بينة الآخر على الخلاف. واحتمل عدم الفائدة حينئذ أيضا، لأن يده بعد البينة مستحقة للإزالة فلا أثر لتصديقه. وليس هذا الكلام تكرار، لأن ما تقدم أن العين لمن يصدقه بعد اليمين منهما، وليس فيه أن المصدق ذو اليد.
(ولو قال: هي لأحدكما لا أعرفه عينا أو لا أعرف صاحبها) منكما