كله من احتجاجهم به وهم مخالفون ما فيه لان فيه ايجاب القود في الجراح جملة وهم لا يرون القود في شئ من الجراح الا في الموضحة وحدها فقط فيا للمسلمين في أي باب يقع احتجاج المرء على خصمه بما يخالف وهو يصححه وخصمه لا يصححه، ثم لو صح لكان حجة لنا عليهم لان فيه التخيير للمجروح أو لولى المقتول بين القود أو الدية أو العفو دون اشتراط رضى الجاني وهذا عجب آخر ورضى بالتمويه المفتضح من قرب ونسأل الله تعالى العافية * وأما قولنا بان كل ما ذكرنا فهو من قتل عمدا مسلما في دار الحرب وهو يدرى انه مسلم في دار الحرب كما لو فعل ذلك في دار الاسلام ولا فرق فلعموم نص القرآن والسنة التي أوردنا في ذلك ولم يخص احدى الدارين من الأخرى وما كان ربك نسيا، وهو قول مالك. والشافعي. أبى سليمان وجميع أصحابهم وبه نأخذ، واما أبو حنيفة فقال: ان قتل مسلم مسلما عمدا في أرض الحرب وكان المقتول غير ساكن في أرض الحرب فلا قود فيه أصلا إنما فيه الدية، فإن كان المسلم المقتول ساكنا في أرض الحرب فعلى قاتله عمدا وهو يدرى انه مسلم الكفارة فقط ولا قود فيه ولادية * قال أبو محمد رضي الله عنه: ولا ندري من أين اخرج هذا القول السخيف ولا من تقدمه إليه، والعجب أن المبتلين من الله تعالى بتقليده موهوا في ذلك بما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أسامة بن زيد قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال: لا إله الا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها على حتى تمنيت انى أسلمت يومئذ ". وبما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بنى جذيمة فدعاهم إلى الاسلام فلم يحسنوا ان يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا وجعل خالد فيهم اسرا وقتلا ودفع إلى كل رجل منا أسيرا حتى إذا أصبح يوما (1) أمرنا خالد بن الوليد ان يقتل كل واحد منا (2) أسيره فقال ابن عمر: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له صنيع خالد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم ان أبرأ إليك مما صنع خالد ". ومن طريق أبى داود
(٣٦٨)