قال أبو محمد: برهان كل ما ذكرنا منصوص في قول الله عز وجل: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس الا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فان أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليها وان أردتم ان تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا ان الله بما تعملون بصير) وفى قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) فهذه صفة الطلاق الرجعي بلا شك، ثم ذكر الله تعالى العدة بالأقراء والشهور، ثم قال عز وجل: (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) إلى قوله (سيجعل الله بعد عسر يسرا) وقد ذكرنا فيما سلف من كتابنا هذا ان قوله تعالى: (اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن. لتضيقوا عليهن وان كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) قد بين حديث فاطمة بنت قيس انه عز وجل إنما أراد به المطلقات طلاقا رجعيا لا المطلقات ثلاثا فكل ما قلنا فإنه منصوص في الآيات المذكورات بلا تأويل ونحن إن شاء الله تعالى ذاكرون بيان ذلك فصلا فصلا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم * أما قولنا في أول المسالة الواجب على كل حرة أو أمة في عصمة زوج كانت أو في ملك سيد أو خلو منهما لحق ولدها بالذي تولد من مائه أو لم يلحق ان ترضع ولدها أحبت أم كرهت ولو أنها بنت الخليفة وتجبر على ذلك فلقول الله تعالى: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) وهذا عموم لا يحل لاحد ان يخص منه شيئا الا ما خصه نص ثابت والا فهو كذب على الله تعالى، فان قيل: هذا خبر لا أمر قلنا هذا أشد عليكم إذ أخبر عز وجل بذلك فمخالف خبره ساع في تكذيب ما أخبر الله عز وجل وفى هذا ما فيه، وهذا قول ابن أبي ليلى. والحسن بن حي. أبي ثور. وأبي سليمان. وأصحابنا وأختلف فيه عن مالك مرة قال مثل قولنا ومرة قال الشريفة لا تجبر على ذلك وهذا قول في غاية الفساد لان الشرف هو التقوى فرب هاشمية أو عبشمية بنت خليفة تموت هزلا ورب زنجية
(٣٣٧)