فليصرحوا بأنه كان عند عمر في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله وعليه وسلم لم يخبر بنصها الناس حتى يروا من منا الذي يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأينا يضيف إلى عمر ما قد نزهه الله تعالى عنه ولا نقنع منهم إلا بالقطع بأنه كان عنده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ان للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة مدة العدة، وأما كتاب الله تعالى فقد بينه إذ أتى بالآية المذكورة وهي حجة لفاطمة عليه لان فيها (لا ندري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) فهل يشك أحد في أن هذه الآية في الطلاق الرجعي خاصة ولو ذكر عمر بذلك لرجع كما رجع عن قوله إذ منع من أن يزيد أحد على أربعمائة درهم في صداق امرأة حين ذكرته امرأة بقول الله تعالى: (وآتيتم إحداهن قنطارا) فتذكر ورجع وكما ذكره أبو بكر إذ سل سيفه وقال: لا يقولن: أحد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مات الا ضربته بالسيف فلما تلا عليه أبو بكر قول الله تعالى: (انك ميت وانهم ميتون) سقط إلى الأرض، وبهذا احتجت فاطمة نصا كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ان فاطمة قالت حين بلغها قول مروان في هذا الخبر بيني وبينكم كتاب الله عز وجل قال الله تعالى (فطلقوهن لعدتهن) إلى قوله سبحانه (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) قالت فأي أمر يحدث بعد الثلاث وأما قوله لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت فاما أمكن من النسيان على فاطمة فهو ممكن على عمر بلا شك، وأقرب ذلك تذكير عمار له بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما جميعا بالتيمم من الجنابة لمن لم يجد الماء فلم يذكر عمر ذلك وثبت على أنه لا يصلى حتى يجد الماء، وقد ذكرناه من طريق البخاري في كتبنا وكما نسي ذكرنا آنفا فليس جواز النسيان مانعا من قبول رواية العدل الذي قد افترض الله تعالى قبول روايته ولو كان ذلك لوجب على أصول خصومنا ترك خبر الواحد جملة ورد شهادة كل شاهد في الاسلام لجواز النسيان في هذا، فمن أضل ممن يحتج بما هو أول مبطل له عصبية ولجاجا في الباطل، وهكذا القول في قوله لما: ان جئت بشاهدين يشهدان انهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم أول مخالف لهذا ولو لزم هذا فاطمة للزم عمر في كل ما حدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أحد من الصحابة ولافرق، فمن أضل ممن يموه على المسلمين بأشياء هو يدين الله تعالى بخلافها وبطلانها ونعوذ بالله من الخذلان * فان قيل: فقد رويتم من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان انه اخبر إبراهيم النخعي بحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس فقال له إبراهيم: ان عمر أخبر بقولها فقال: لسنا بتاركي آية من كتاب الله تعالى، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها
(٢٩٧)