طائفة منهم: فان أخذ أكثر أحببنا له أن يتصدق به، وقالت طائفة: يجوز بكل ما تملك وقالت طائفة: لا يجوز الخلع إلا مع خوف نشوزه واعراضه أو أن لا تقيم معه حدود الله تعالى، وقالت طائفة: يجوز بتراضيهما. وان لم يكن هنالك خوف نشوز أو خوف أن لا تقام حدود الله تعالى، وقالت طائفة: لا يجوز الخلع إلا بان يجد على بطنها رجلا وقالت طائفة: لا يجوز الخلع الا بأن تقول لا أطيع لك أمرا ولا أغتسل لك من جنابة، واختلفوا في الخلع الفاسد فقالت طائفة: ينفذ ويتم، وقالت طائفة يرد ويفسخ فأما من قال:
لا يجوز الخلع فكما روينا من طريق الحجاج بن المنهال نا عقبة بن أبي الصهباء قال سألت بكر بن عبد الله المزني عن الخلع قال: لا يحل له ان يأخذ منها قلت فقول الله عز وجل في كتابه: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) قال: نسخت هذه وذكر ان الناسخ لها قوله تعالى: (وان أردتم استبدال زوج مكان زوج، وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا) وكيف تأخذونه، وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقا غليظا) * قال أبو محمد: واحتج من ذهب إلى هذا بما حدثناه عبد الله بن ربيع نا محمد ابن إسحاق بن السليم نا ابن الاعرابي نا محمد بن إسماعيل الصائغ نا عفان بن مسلم نا حماد نا أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة " * وبما روينا من طريق أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - انا المخزومي هو المغيرة ابن سلمة - نا وهيب عن أيوب السختياني عن الحسن البصري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المنتزعات (1) والمختلعات هن المنافقات " قال الحسن: لم أسمعه من أبي هريرة * قال أبو محمد: فسقط بقول الحسن أن تحتج بذلك الخبر. وأما الخبر الأول فلا حجة فيه في المنع من الخلع لأنه إنما فيه الوعيد على السائلة الطلاق من غير بأس وهكذا نقول وليس في البأس أعظم من أن يخاف الا يقيم حدود الله في الزوجة، وأما الآيتان فليستا بمتعارضتين إنما في التي نزع بها بكر تحريم أخذ شئ من صداقها اثما مبينا وبهتانا.
وهذا لا شك فيه. وليس فيهما نهى عن الخلع أصلا. وقال تعالى: (فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) وفي الآية الأخرى حكم بطيب النفس منها (2) فليس اثما ولا عدوانا. وما كان هكذا فلا يحل [القول به ولا] (3) أن يقال فيه ناسخ أو