وقال الشافعي يتحالفان ويوقف الشئ بينهما حتى يصطلحا وهو قول ابن أبي ليلى لأنه لا يعلم المالك منهما، وللشافعي قول آخر أنها تقسم بينهما كما لو أقر بها لهما وهذا الذي حكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه فيما حكي عنهم قالوا ويضمن المستودع نصفها لكل واحد منهما لأنه فوت ما استودع بجهله ولنا أنهما تساويا في الحق فيما ليس بأيديهما فوجب أن يقرع بينهما كالعبدين إذا أعتقهما في مرضه فلم يخرج من الثلث إلا أحدهما أو كما لو أراد السفر بإحدى نسائه، وقول أبي حنيفة ليس بصحيح فإن العين لم تتلف. ولو تلفت بغير تفريط منه فلا ضمان عليه وليس في جهله تفريط إذ ليس في وسعه أن لا ينسى ولا يجهل (مسألة) قال (ومن أودع شيئا فأخذ بعضه ثم رده أو مثله فضاع الكل لزمه مقدار ما أخذ) وجملته ان من أودع شيئا فأخذ بعضه لزمه ضمان ما أخذ فإن رده أو مثله لم يزل الضمان عنه، وبهذا قال الشافعي وقال مالك لا ضمان عليه إذا رده أو مثله وقال أصحاب الرأي ان لم ينفق ما أخذه ورد لم يضمن وإن أنفقه ثم رده أو مثله ضمن ولنا أن الضمان تعلق بذمته بالأخذ بدليل انه لو تلف في يده قبل رده ضمنه فلا يزول إلا برده إلى صاحبه كالمغصوب، فأما سائر الوديعة فينظر فيه فإن كان في كيس مختوم أو مشدود فكسر الختم أو حل الشد ضمن سواء أخرج منه أو لم يخرج لأنه هتك الحرز بفعل تعدى به، وان خرق الكيس فوق الشد فعليه ضمان ما خرق خاصة لأنه ما هتك الحرز، وان لم تكن الدراهم في كيس أو كانت في كيس غير مشدود أو كانت ثيابا فأخذ منها واحدا ثم رده بعينه لم يضمن غيره لأنه لم يتعد في غيره وان رد بدله وكان متميزا لم يضمن غيره لذلك وان لم يكن متميزا فظاهر كلام الخرقي ههنا أنه لا يضمن غيره لأن التعدي اختص به فيختص الضمان به وخلط المردود بغيره لا يقتضي الضمان لأنه يجب رده معها فلم يفوت على نفسه إمكان ردها بخلاف ما إذا خلطه بغيره ولو أذن له صاحب الوديعة في الاخذ منها ولم يأمره برد
(٢٩٥)