فيعلم من ذلك: أن العمل الخارجي لا يعد صلاة وعبادة إذا كان مقارنا للفحشاء والمنكرات عرفا، أو كان مقارنا - ولو لمرتبة ضعيفة - للرقص وأشباهه.
من غير رجوعه إلى قيدية ذلك للمركب. ولذلك لم يعتبروا أن تكون الصلاة عبادة، أو الحج والعمرة والطهارات الثلاث عبادة، مع أنه لا بد من كونها صالحة لانتزاع العبودية.
بل ذكرنا في تفسيرنا: أن من المحتمل أن يكون الواجب هو العبادة، لقوله تعالى: * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) * (1) وأن الصلاة وغيرها مصاديق العبادة بكشف الشرع، ولا يؤاخذ العاصي وتارك الصلاة من جهة تركه أمر الصلاة، بل يؤاخذ لأجل ترك أمر العبادة (2).
ولو أغمضنا عن ذلك كما أغمضوا عنه، ولكن يعتبر - بلا إشكال - كون تلك الأعمال صالحة لانتزاع العبودية، وقد قال الله تعالى: * (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) * (3) وهذا إشعار بالقضية الخارجية، ولا يكون قيد المركب أن لا يكون مكاء وتصدية، بل الظاهر ما عرفت منا المساعد عليه ارتكاز العقلاء وفهم العرف، واجتهاد الفقهاء، بعد تعرضهم لقاطعية عدة أمور في الجملة، على تفصيل محرر في الفقه (4).
نعم، القهقهة والأكل الكثير حال قراءة الإمام، أو في حال الركوع، والرقص ولو كان خفيفا حال صلاته وكان منفردا، ينافي صلاحية العمل للانتزاع المذكور، بخلاف التبسم الخفيف، بل وامتصاص بعض الأشياء والشرب اليسير، كما في صلاة