الشبهة الثانية:
من المشاكل في هذه المسألة التي تشترك فيها جميع القوانين الموضوعة في الكتاب والسنة، هو أن الأحكام الإلهية - سواء كانت من الأحكام الإنشائية المشروطة بشروط غير حاصلة، أو كانت أحكاما فعلية - لا يمكن أن يكون المعدوم المطلق موضوعها، والقوانين الإلهية الملقاة تقصر عن شمول المعدومين بالضرورة.
وما يظهر من صاحب " الكفاية " (قدس سره) من أن الانشاء خفيف المؤونة، والصيغة موضوعة للطلب الانشائي (1)، لا ينفع، لأن خفة المؤونة لا توجب موضوعية المعدوم للحكم واتصافه بشئ، أو معروضيته لشئ ولو اعتباريا.
هذا مع أن كون الصيغة موضوعة لما قيل، لا ينافي كونها ظاهرة في الجد عند الإطلاق، فعليه يشك في شمول القوانين للمعدومين.
وبالجملة: إن زيدا الذي سيوجد في العصر المتأخر إما يكون محكوما بحكم، أم لا يكون، فإن حكم عليه بشئ فهو محال بالضرورة، وإن لم يحكم عليه بشئ فيشترك في الحكم من ناحية الاجماع والعقل والسنة، لا نفس القوانين، وتصير النتيجة على هذا قصور القوانين عن شمول المعدومين.
أقول: لأحد أن يقول: بأن هذه الشبهة تختص بالقوانين والعمومات المتكفلة لإسراء الحكم إلى الأفراد، دون المطلقات المتكفلة لإثبات الحكم على الطبيعة، فإن في الفرض الأول إما يسري الحكم حين إلقاء القانون إلى كافة الأفراد الأعم من الموجودة والمعدومة، فيلزم كون المعدوم معروض الحكم، ولو كان المعروض والعارض اعتباريا وتخيليا فإنه يستحيل.