مفادها بمن يخص به الخطاب، وذلك لأن المخاطبة فرع المخاطب - بالفتح - فإذا كان هو غائبا فكيف يمكن أن يترشح الجد والإرادة إلى توجيه الخطاب إليهم؟!
وبعبارة أخرى: الخطاب المستفاد من أدواته وحروف النداء، أو الخطاب المعتبر من الجمل الواقعة في محل المخاطبة، كالجمل المشتملة على الأمر والنهي، أو الرجوع إلى البعث والزجر بحسب الجد، لا يشمل الغائبين والمعدومين، وإذا صاروا موجودين لا يكون الخطاب باقيا، وتصير النتيجة على هذا أيضا اختصاص الحكم بالحاضرين.
وإن شئت قلت: هذه الشبهة لا تختص بتلك الطائفة من القوانين الفرعية الإلهية، وذلك لأن جميع القوانين بعث وزجر، فلا بد وأن تشتمل على معنى يعتبر منه ذلك، ويكون فيه المنشأ لانتزاع المخاطبة وإن لم تدل عليه ألفاظها بالوضع.
مثلا: قوله تعالى: * (ولله على الناس حج البيت) * (1) في موقف خطاب الأمة بالحج ودعوة الناس إليه وندائهم، ولا يمكن الدعوة إلا بالمخاطبة، ومن هنا يظهر عموم النزاع، فما عن الشيخ (رحمه الله) (2) وتبعه بعض آخر (3)، في غير محله كما أشير إليه فيما سبق (4).
أقول: هنا وجوه من الكلام:
الوجه الأول: أن المخاطب في هذه المواقف هي العناوين، فلا يكون المعدوم مورد الخطاب، فيكون الموجود بعد عصر الخطاب مشمول القانون، لأن العنوان المأخوذ فيه صادق عليه، ضرورة أن القضية المضروبة قانونا لا تأبى من الصدق