حال العدم ليس فردا، فليس محكوما بحكم، وإذا وجد بعد ذلك وصدق عليه " أنه من الناس " يجد أنه محكوم بحكم العام المزبور، لأن العنوان المأخوذ فيه كالعنوان المأخوذ في القضايا الحقيقية المنطقية، كقولنا: " كل نار حارة، وكل انسان ممكن " فإن العام يسري الحكم إلى الأفراد الموجودة، من غير كونه مقصورا على الموجودين حين الإخبار، فإذا وجدت بعد ذلك نار فهي أيضا محكومة بحكم الحار، وتكون إخبارا عنه، ولو وجدت نار ولم تكن حارة يلزم كذب القضية بالضرورة.
ففي حال العدم لا موضوع ولا محمول، وأما في حال الوجود فيتحقق الموضوع، ويترتب عليه المحمول قهرا.
إن قلت: إذا قيل " كل نار حارة " أو " كل عالم يجب إكرامه " فهو ينحل إلى أن كل فرد من أفراد النار، وكل فرد من أفراد العلماء، حار وواجب الإكرام، والفرد لا يكون فردا إلا بالوجود، فيلزم كون الفرد الموجود مورد الحكم، وعندئذ لا يشمل الموجود المتأخر (1).
قلت أولا: لا يلزم ذلك، لأن القيد المزبور - ولو كان مأخوذا في القانون الإخباري أو الانشائي - لا يوجب انقلاب الحقيقية خارجية، لأن الموجود في العصور المتأخرة أيضا فرد موجود، والموضوع لا يزيد عليه.
وثانيا: كون الانحلال موجبا لكون الفرد بلوازمه وخصوصياته محط الحكم ممنوع، ولذلك لو قلنا: بأن الأعراض والمقولات من المشخصات - خلافا للتحقيق، ضرورة أنها أمارات التشخص (2) - لا يلزم أيضا فساد.
ولو قلت: إن قولك " كل عالم يجب إكرامه " ينحل إلى أن كل فرد من العلماء