عليه، لأنها من قبيل القضايا الحقيقية.
ولو قيل: بأن من هو المخاطب هو المعنون، والعنوان بما هو العنوان لا يليق بالخطاب الحقيقي.
نعم، يصلح للمخاطبة على نحو ما يستعمله الشعراء والبلغاء في نثرهم وأشعارهم، وهذا غير لائق بالقوانين العرفية، فضلا عن الإلهية الشرعية (1).
قلنا: نعم، إلا أن المعنون إما موجود تقديري ذهني، أو ادعائي تنزيلي، وعلى التقديرين تنحل المعضلة.
أقول: يتوجه إليه أولا، أن بالتقدير وتنزيل المعدوم منزلة الموجود، لا يمكن تحصيل الإرادة الجدية، ولا يتيسر الحكم الجدي.
وثانيا: أن هذه التقادير والفرضيات الادعائية، لا تناسب القوانين الموضوعة في مقام البعث والزجر، فافهم وتدبر.
الوجه الثاني: أن الخطابات القرآنية ليست كسائر الخطابات الشفاهية، بل هي في صورة الخطاب، من غير كونها خطابا واقعيا حتى يحتاج إلى المخاطب، ضرورة أن هذه الكلمات المنسوجة الإلهية لا يسمعها الناس والحاضرون في المجلس، ولا المحتفون بالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بل ولا هو (صلى الله عليه وآله وسلم) مخاطب، حسبما هو الظاهر من وساطة الأمين (عليه السلام) الوحي الإلهي، فيكون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ناقلا وقارئا، بل والأمين (عليه السلام) أيضا حاكيا، وعندئذ تسقط الشبهة من أساسها، ولا يوجد خطاب لفظي وضعي حقيقي، وحينئذ يكون حال الحاضرين وغيرهم بالنسبة إليه واحدة.
وبعبارة أخرى: إن حضور المخاطب - بالكسر - والمخاطب - بالفتح - بالنسبة إلى الخطابات القرآنية، غير قابل للإنكار، لما لا يتصور غيبوبة شئ عن