الشبهة الرابعة:
أن القوانين تقصر عن شمول غير الملتفتين، بل والجهال وغير القادرين والكافرين، بل والعصاة، ضرورة امتناع توجيه الخطاب إليهم، واستحالة البعث والزجر الجدي بالنسبة إليهم، بعدما يعلم المقنن من عدم انبعاثهم نحو المطلوب، إما لأجل عدم التفاتهم وعدم تمكنهم، أو لأجل عدم مبالاتهم، فإن هذه الأمور كلها مشتركة في لزوم قصر القوانين والخطابات على غيرهم (1).
أقول: قد تحرر تفصيل هذه المسألة منا في مقدمات بحوث الترتب في مبحث الضد، وذكرنا أن قضية كون الخطابات والقوانين كلية وعامة، هو شمولها لجميع الأصناف والطبقات وكافة الناس في كل الأحوال، وأنها بالنسبة إلى الكل على السواء، ولا قصور فيها، وإنما الجهل والعجز وعدم الالتفات يعد عذرا أحيانا، دون الكفر والعصيان، والأحكام بالنسبة إلى الكل - حسب القانون البدوي - فعلية، وإن أمكن تقييدها أو ما يرجع إليه بالنتيجة، حتى لا يكون الجاهل مكلفا رأسا في بعض أقسام الجهل، وهكذا العاجز والساهي (2).
وقد مر منا هناك تبعات هذه المائدة (3) التي أبدعها وأتى بها السيد المحقق الجامع لكافة العلوم الإسلامية - مد ظله العالي - بما لا مزيد عليه (4).