الشبهة الثالثة:
أن الألفاظ المستعملة في القوانين ليست إلا موضوعة للمعاني وللطبائع، ولا شبهة في أن تلك المعاني تقصر عن الصدق على المعدومين.
أو يقال: إن القوانين تشتمل على المعاني الحرفية طرا، والمعاني الحرفية جزئية خارجية وشخصية، فيوجب ذلك اختصاص الحكم بالموجودين (1).
وفيه أولا: أنه لا يلزم منه كون الموضوع موجودا في الحال، فلا تنقلب القضية الكلية الحقيقية إلى الكلية الخارجية.
وثانيا: قد تحرر منا، أن الألفاظ موضوعة للطبائع والمعاني الكلية (2)، ولا يكون المقصود في القانون، إسراء الحكم إلى أفرادها حال العدم، بل المقصود - حتى فيما إذا صرح في القانون: بأن إكرام العلماء واجب، سواء كانوا موجودين، أو معدومين - هو إسراء الحكم إلى الموجودين في ظرف الوجود المعدومين حال ضرب القانون.
وثالثا: قد سلف وسبق، أن المعاني الحرفية هي الجزئية الخارجية، وتكون أداتها موضوعة بالوضع العام والموضوع له الخاص، وأيضا هي ذهنية كلية في وجه (3)، وتكون الأداة في هذه النشأة موضوعة بالوضع العام والموضوع له العام من غير لزوم إشكال، وبذلك يمكن الجمع بين المقالتين، ويدفع إشكالات المسألة.