وأما دعوى: أن الطائفة الأولى أعم، وإنما جئ بالأخص تشريفا للمؤمنين، كما جئ بالمذكر تشريفا للرجال (1). ويؤيد ذلك قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا آمنوا) * (2) وقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله) * (3) وهكذا قوله: * (قوا أنفسكم) * (4) مما مرت آياته، فإن جميع ذلك يشهد على الأعمية.
فهي أيضا غير نقية، وذلك لأن من المحتمل إرادة الإيمان الخاص في الآية الأولى، أو الإيمان المقرون بالعمل، ومجرد كونه على الفرض للتشريف، لا يكفي لحمل تلك الطائفة بكثرتها عليه.
وأما الآية الثانية فربما يختص ذلك بهم، لما أن غيرهم لا يستتابون، وهكذا الثالثة.
وبالجملة: بعد دلالة القضية بمداليلها الوضعية على الأخص، لا سبيل إلى حملها على الأعم.
وربما يقال: إن قوله تعالى: * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) * دليل الأعمية، فيكون قرينة على أعمية الطائفة الأولى (5).
وفيه: أن الهيئة في هذه الآية ليست نفسية، بل هي إرشادية، ضرورة أن ما هو الواجب شرعا هي عناوين " الصلاة، والصوم، والاعتكاف " وغير ذلك من العباديات، دون عنوان " العبادة " بذاتها، وحيث إن موضوع العناوين المزبورة هو * (الذين آمنوا) * دون عنوان * (الناس) * يكون الأخص محفوظا بحاله، فلا تدل