كذلك، والفرد ليس فردا إلا بالمقولات، ومنها مقولة " متى " فيكون الموضوع مقيدا بالموجود في الحال، فتنقلب القضية الحقيقية خارجية بالضرورة.
قلنا: إن ما هو الموضوع هو الفرد، لا بما هو مقرون بكذا وكذا. هذا مع أن مقولة " متى " أيضا لها العرض العريض، فلا تنقلب إلا برجوع الموضوع المفروض إلى المقيد بالقيد الخاص، وهو قوله: " في الحال " أي يجب إكرام كل عالم في الحال، وفي هذا الزمان وأمثاله.
ومن هنا يظهر: أن المشكلة تنحل بما ذكرناه، سواء كانت القضية الحقيقية من القضايا البتية، كما هو ظاهر المنطقيين، أو قلنا: بأنها من القضايا المأولة إلى الشرطية والقضيتين الناقصتين، أو إلى القضية الاستثنائية مثلا، كما صرح به صاحب " الحكمة المتعالية " في كتابه الكبير (1)، فإطالة الكلام هنا حول هذه المسألة من الذهول عن مغزى المرام.
نعم، ما يقال: " من أن الحكم في القضايا الحقيقية على الأفراد الأعم من المحقق والمقدر وجودها " (2) فهو بمعزل عن التحقيق، وتفصيله في محله، ولازم ذلك كون الأفراد المقدرة محكومة بالحكم، مع أن المقدرة لا وجود لها إلا على تقدير في الذهن، وما هو محكوم في الذهن وإن كان فردا ذهنيا، إلا أن المراد في القوانين الإخبارية والإنشائية هي الأفراد الخارجية، وإلا يلزم كذب القضية، ضرورة أن الفرد من النار الذهني لا يكون حارا، وذلك لضعف وجود النار، لا لعدم صدق الطبيعة، فافهم ولا تكن من الخالطين.