وحكى الشهيد (قدس سره) في الدروس عن ظاهر بعض القدماء أن نية الاحرام كافية عن خصوصيات باقي الأفعال.
قال في المدارك: وكأن وجهه خلو الأخبار الواردة بتفاصيل أحكام الحج من ذكر النية في شئ من أفعاله سوى الاحرام. وربما كان الوجه في تخصيص الاحرام بذلك توقف امتياز نوع الحج والعمرة عليه.
أقول: فيه: ما قدمنا ذكره في بحث نية الاحرام، من أن ما اشتملت عليه النصوص - من قوله: (اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك) ونحوه - ليس من قبيل النية التي هي محل البحث حتى يسمى ذلك نية ويقال إن الأخبار اشتملت على نية الاحرام، إذ النية إنما هي القصد البسيط الناشئ عن تصور الدواعي الباعثة على الفعل كما تقدم تحقيقه في المواضع المشار إليها. نعم هذا الكلام يتضمن الأخبار عن ذلك، وأين أحدهما من الآخر؟ وبذلك يظهر لك ما في هذا القول المنقول عن بعض القدماء أيضا من أنه لا وجه له.
وبالجملة فإن كلامهم كله يدور على أن النية عبارة عن هذا الحديث النفسي والتصوير الفكري الذي يحدثه المكلف عند إرادة الفعل ويقارنه به.
وقد عرفت سابقا أن النية ليست ذلك، وإلا فأفعال المكلف المختلفة المتعددة لا يدخل بعضها تحت بعض، بحيث يصدق عرفا على من قصد الاحرام خاصة، الذي هو عبارة عن تجنب تلك الأشياء مع الاتيان بباقي شروطه - من غير ملاحظة شئ آخر - أنه نوى الحج أو العمرة أو نوعا مخصوصا من أنواع أحدهما. نعم يصدق ذلك في ما إذا قصد الاحرام لحج التمتع مثلا حج الاسلام أو نحو ذلك، فإن هذا القصد تعلق بالجميع لا بالاحرام خاصة، واستمراره على هذا القصد كاف كما