والثاني منهما ذكره شيخنا الشهيد في نكت الإرشاد فقال - بعد نقل القول بذلك عنه في الزاد وأن ذلك لازم له في الراحلة - ما لفظه: لأنه احتج بأن اطلاق الشراء ينصرف إلى المعتاد كالتوكيل في الشراء حتى قال: لا يجب حمل الماء من بلده ولا من أقرب مكان إلى البر بل إن كان في كل منزل أو منزلين وجب الحج وإلا فلا، وكذا علف الدواب، حوالة على العرف، ولأن الحج يسقط لو خاف على المال التلف فلا يناسبه إضاعته هنا. ورد بما مر في شراء الماء من وجوب الثواب هنا على الله تعالى الذي هو أعظم من العوض الواجب على الآدمي. ثم قال: ويمكن أنه إن كثر الثمن كثرة فاحشة بحيث يستوعب المال العظيم قرب قول الشيخ للاضرار المنفي (1) وإلا فهو بعيد لصدق الاستطاعة التي هي مناط الوجوب. انتهى.
والأصح ما عليه جمهور الأصحاب من وجوب الشراء وإن زاد عن ثمن المثل، إلا أن يبلغ إلى الحال التي أشار إليها شيخنا المتقدم ذكره في آخر كلامه فاشكال. وبمثل ذلك صرح العلامة في التذكرة فقال - على ما نقله عنه في الذخيرة -:
وإن كانت القيمة تجحف بماله لم يلزمه شراؤه وإن تمكن، على اشكال.
وسيجيئ إن شاء الله تعالى ما فيه مزيد بيان لهذا المقام.
وأنت خبير بأن ما نقلناه عن المبسوط بالنسبة إلى عدم وجوب حمل الماء وعلف الدواب هو عين ما نقلوه عن العلامة (قدس سره) في التذكرة والمنتهى، كما قدمنا ذكره في المسألة الأولى، مع أنهم لم ينقلوا الخلاف ثمة إلا عن العلامة، وكلام المبسوط - كما ترى - أصرح من كلام العلامة في ذلك.