وظاهر السيد السند في المدارك - ومثله الفاضل الخراساني في الذخيرة - المناقشة في ذلك بأن الحجة المذكورة مقصورة على صورة المشقة، فعند عدمها - كما إذا كان وحيدا غير متعلق ببعض البلاد دون بعض أو كان له وطن لا يريد العود إليه - لم يبعد عدم اعتبار العود في حقه، نظرا إلى عموم الآية والأخبار، فلا تعتبر نفقة العود في حقه حينئذ.
أقول: والمسألة لا تخلو من توقف، فإنه وإن كان الظاهر من اطلاق الآية والأخبار هو حصول ما يوجب الوصول من الزاد والراحلة، إلا أن الاطلاق إنما يحمل على الأفراد الغالبة المتكثرة، ولا ريب أن الغالب على الناس في جميع الأدوار والأمصار أنهم متى سافروا لغرض من الأغراض رجعوا بعد قضائه إلى أوطانهم أو غيرها لأغراض تتجدد، سواء كان لهم أهل وعشيرة أم لا أو مسكن أم لا، وحينئذ فمجرد كونه وحيدا لا عشيرة له ولا أهل لا يوجب خروجه من هذا الحكم، بأن يجب عليه الحج بمجرد حصول نفقة الذهاب خاصة وكذا راحلة الذهاب خاصة، ويكلف الإقامة بمكة إن لم يكن عليه مشقة. نعم لو كان في نيته وقصده من خروجه هو التوطن في تلك البلاد فما ذكروه من عدم اعتبار نفقة الإياب متجه وإلا فلا جريا علي ما هو الغالب الشائع المتكرر. وقد صرح غير واحد منهم بأن الأحكام المودعة في الأخبار إنما تحمل على ما هو المتكرر الشائع الغالب الوقوع. على أن ما ذكروه لو تم لم يختص بالوحيد الذي لا أهل له ولا عشيرة ولا مسكن بل يشمل ذلك من له عشيرة ومسكن، فإن مجرد وجود هذه الأشياء لا بكون موجبا لتخصيص اطلاق الأدلة المشار إليها. نعم لو كان له عيال يجب الانفاق عليهم أو أبوان أو أحدهما لا يرضون بانقطاعه عنهما فإنه من حيث قيام الأدلة على وجوب هذه الأشياء يجب أن يخص بها اطلاق الأدلة المذكورة وأما غيرها فلا دليل عليه، مع أنهم لا يقولون بذلك في غير الوحيد من صاحب المسكن