واطلاق هذه الروايات يقتضي عدم الفرق بين أن يكون البذل على وجه التمليك أم لا، ولا بين أن يكون واجبا بنذر أو شبهه أم لا، ولا بين أن يكون الباذل موثوقا به أم لا، ولا بين بذل عين الزاد والراحلة أو أثمانهما.
ونقل عن ابن إدريس أنه اعتبر في وجوب الحج بالبذل تمليك المبذول، ونقله في الدروس عن العلامة أيضا. وفرق العلامة في التذكرة - ومثله شيخنا الشهيد الثاني في المسالك - بين العين والثمن فحكما بالاستطاعة ببذل الأول دون الثاني. واشترط في الدروس التمليك أو الوثوق به، ونقل عن جمع من الأصحاب اشتراط التمليك أو الوجوب بنذر أو شبهه.
وقال العلامة في التذكرة: هل يجب على الباذل بالبذل الشئ المبذول أم لا؟ فإن قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له، لكن في ايجاب المبذول بالبذل اشكال أقربه عدم الوجوب، وإن قلنا بعدم وجوبه ففي ايجاب الحج اشكال أقربه العدم، لما فيه من تعليق الواجب بغير الواجب. انتهى.
أقول: لا يخفى أن هذا الكلام مخالف لما صرح (قدس سره) به في صدر المسألة حيث قال: مسألة: لو لم يكن له زاد وراحلة أو كان ولا مؤنة لسفره أو لعياله وبذل له باذل الزاد والراحلة ومؤنته ذاهبا وعائدا ومؤنة عياله مدة غيبته وجب عليه الحج عند علمائنا سواء كان الباذل قريبا أو بعيدا، لأنه مستطيع للحج، ولأن الباقر والصادق (عليهما السلام) (1) سئلا عن من عرض عليه الحج فاستحى من ذلك أهو ممن يستطيع إلى ذلك سبيلا؟ قالا: نعم.
وهو ظاهر - كما ترى - في حكمه بالوجوب بمجرد البذل ودعواه الاجماع عليه،