احتج الأصحاب على ما ذهبوا إليه من وجوب القضاء من الأصل بأنها كحجة الاسلام من جملة الديون التي مخرجها من الأصل.
قال في المدارك: وهو إنما يتم بعد قيام الدليل على وجوب قضائها من التركة. ولم نقف في ذلك على رواية سوى رواية ضريس التي أوردها المصنف، وقد بينا في ما سبق أن الحج ليس واجبا ماليا بل هو واجب بدني وإن توقف على المال مع الحاجة إليه كما تتوقف الصلاة عليه كذلك. ثم نقل احتجاج الشيخ برواية ضريس وأورد الرواية، ثم قال: وأجاب عنها في المختلف بالحمل على من نذر في مرض الموت. ثم رده بأنه يتوقف على وجود المعارض. ثم قال:
نعم يمكن المناقشة في هذا الاستدلال بأن مورد الرواية خلاف محل النزاع، لأن موردها من نذر أن يحج رجلا، أي يبذل له مالا يحج به. وهو خلاف نذر الحج.
ولعل ذلك هو السر في ايراد المصنف الرواية بعد حكاية القولين من دون أن يجعلها مستندا لأحدهما. انتهى.
أقول: قد تقدم البحث مستوفى في المسألة وأوضحنا ما في هذا الكلام، وإنما أطلنا الكلام بنقله هنا لأنا قد وعدنا سابقا بنقله وأشرنا سابقا إليه.
ثم أقول: قال الفاضل المحقق محمد تقي المجلسي في شرحه على الفقيه - بعد نقل صحيحة ضريس - ما هذه ترجمته: المشهور بين العلماء أن كل واجب تعلق بالمال وتركه ذو المال حتى مات، فإن ترك مالا قضى عنه من أصل ماله، وإلا فلا يجب على الولي قضاؤه، فقضاء الولي محمول على الاستحباب على المشهور.
ويمكن حمل اخراج المنذور من الثلث على أنه بسبب اشتغال ذمته بحج واجب فلا يصح نذره لكن يستحب له الوفاء به لتلفظه بصيغة النذر، فلهذا يخرج من الثلث. وأجيب بأنه لا ينعقد النذر إلا مع رجحان متعلقه وأقله الاستحباب، ومع اشتغال الذمة بالواجب لا يجوز له أن يحج مستحبا فلا ينعقد نذره. انتهى.