أن أحج ماشيا، فمشيت حتى بلغت العقبة، فاشتكيت فركبت، ثم وجدت راحة فمشيت، فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فقال: إني أحب أن كنت موسرا أن تذبح بقرة. فقلت: معي نفقة ولو شئت أن أذبح لفعلت، وعلي دين؟ فقال: إني أحب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة. فقلت:
أشئ واجب أفعله؟ قال: لا، من جعل لله شيئا فبلغ جهده فليس عليه شئ ".
قال في المدارك بعد نقل ذلك: ويتوجه عليه أن الرواية الأولى لا تنافي وجوب السياق، لأن عدم ذكره لا يعارض ما دل على الوجوب، والرواية الثانية ضعيفة السند لأن راويها واقفي ناووسي. ثم نقل عن ابن إدريس القول بأنه إن كان النذر مطلقا وجب على الناذر توقع المكنة من الصفة، وإن كان مقيدا بسنة معينة سقط الفرض لعجزه عنه. وهذا قول ثالث في المسألة.
والعلامة في المختلف نقل عن ابن إدريس موافقة الشيخ المفيد، ثم اختار فيه أنه إن كان النذر معينا بسنة فعجز عن المشي ركب ولا شئ عليه، وإن كان مطلقا توقع المكنة.
واحتج على الأول بأنه عجز عن الصفة فسقط اعتبارها، للاجماع. الدال على سقوط ما عجز عنه الناذر من غير تفريط. ثم قال: (لا يقال): فيسقط الحج للعجز، كما نقل عن بعض علمائنا ذلك (لأنا نقول): العجز إنما حصل عن الصفة لا عن أصل الحج، والنذر تعلق بأمرين، ولا يلزم من سقوط أحد الأمرين سقوط الآخر إذا افترقا في العلة.
أقول: فيه ما تقدم من أن المنذور إنما هو شئ واحد لا شيئان، فعلى هذا فالموافق للعجز هو سقوط الحج من أصله كما نقله في المدارك عن ابن إدريس وصرح به شيخنا الشهيد الثاني في المسالك.
بقي الكلام في أن ما نقله في المدارك عن ابن إدريس غير موجود في