ومؤنته ومؤنة عياله فرق أم لا؟ الأقرب عدم الفرق لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد والراحلة والمؤن بغير منة كالمال. انتهى.
وهو - كما ترى - ظاهر في أن المراد إنما هو عدم الفرق بينهما في أنه لا تحصل الاستطاعة بهما، لأنه ذكر في الفرع الأول - كما نقلناه - عدم وجوب قبول المال إذا بذل له لاشتماله على المنة... إلى آخر ما تقدم، وهنا قد ألحق به عين الزاد والراحلة لو بذل له وجعل حكمه حكم المال في عدم وجوب قبوله، لاشتماله على المنة لأنه لم تجر العادة بالمسامحة به. والسيد (قدس سره) قد توهم العكس في وجوب القبول في الموضعين وحصول الاستطاعة، وهي غفلة فاحشة.
وبالجملة فإن مرجع كلام العلامة هنا إلى موافقة ابن إدريس في أنه لا يكفي مجرد البذل - للعين كان أو للثمن - بل لا بد من التمليك. وفيه رجوع عن ما يدل عليه أول كلامه في المسألة كما أشرنا إليه آنفا. والظاهر أن شيخنا الشهيد في الدروس إنما نسب إليه القول بما ذهب إليه ابن إدريس من كلامه هنا وإلا فكلامه في سائر كتبه خال من ذلك.
بقي الكلام في ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني - وقبله العلامة في التذكرة - من دعوى حصول الفرق بين بذل عين الزاد والراحلة وبذل أثمانهما في وجوب الحج، وحصول الاستطاعة على الأول دون الثاني، فإن اطلاق النصوص المتقدمة شامل للأمرين. وتعليلهما المنع في الثاني - باعتبار اشتماله على المنة، وأنه موقوف على القبول وهو شرط للواجب المشروط فلا يجب تحصيله - وارد عليهما في بذل العين أيضا.
وبالجملة فالنصوص المتقدمة - كما عرفت - شاملة باطلاقها لعين الزاد والراحلة وأثمانهما، فإن عمل بها على اطلاقها ففي الموضعين، وإلا فلا فيهما.
وظاهرها أنه بمجرد بذل ما يحج به وعرض ذلك عليه يكون مستطيعا،