وأما ما ذكره (قدس سره) - من احتمال حمل الكثرة في رواية محمد بن قيس على بلوغ الأربعمائة ويكون حكم الثلاثمائة وواحدة فيها مهملا - فقد تبعه فيه جملة من أفاضل متأخري المتأخرين حتى زعموا أنه لا تنافي بين الخبرين، قال في الوسائل بعد ذكر صحيحة محمد بن قيس ما صورته: أقول حكم الثلاثمائة وواحدة غير مذكور هنا صريحا فلا ينافي الحديث الأول. انتهى والظاهر أنه مبني على ما ذكره بعض الفضلاء في هذا المقام حيث قال: وقد ظن جمع من متأخري الأصحاب أن بين هذا الحديث وحديث محمد بن قيس تعارضا في حكم زيادة الواحدة تحوج إلى الترجيح لاشكال الجمع، والحق أنه لا تعارض بين الخبرين لخلو رواية محمد بن قيس عن التعرض لذكر زيادة الواحدة على الثلاثمائة، فإن قوله: " فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة " يقتضي كون بلوغ الثلاثمائة غاية لفرض الثلاث داخلة في المغيى كما هو الشأن في أكثر الغايات الواقعة فيه وفي غيره من الأخبار المتضمنة لبيان نصب الإبل والغنم، والكلام الذي بعده يقتضي إناطة الحكم بوصف الكثرة وفرض زيادة الواحدة ليس من الكثرة في شئ فلا يتناوله الحكم ليقع التعارض بل يكون خبر الفضلاء مشتملا على حكم لم يتعرض له في الآخر. انتهى.
وفيه أنه لا يخفى أن سياق الحديث لبيان نصب الغنم وترتيبها كما هو الواقع في سائر أخبار نصب الإبل والبقر والغنم حيث ذكرت النصب فيها على سبيل الترتيب وما يجب في كل نصاب من الفريضة إلى أن وصل في هذا الخبر إلى ثلاثمائة ثم قال: " فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة " ولا ريب أن مبدأ الكثرة التي ثبت بها هذا الحكم ما بعد الثلاثمائة من الواحدة فصاعدا لا الأربعمائة الذي هو النصاب الخامس كما توهمه، ونظير هذه العبارة قد وقع في أخبار نصب الإبل كما تقدم، فعبر في جملة منها " فإذا أكثرت الإبل " كما في صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج وصحيحة أبي بصير، وفي بعض " فإذا زادت واحدة " كما في