لأنه هتك الحرز، وأخرج المال منه. قال ابن إدريس: فمن أسقط القطع، فقد أسقط حدا من حدود الله بغير دليل بل بالقياس والاستحسان، وهذا من تخريجات المخالفين وقياساتهم على المجتاز، قال: وأيضا فلو كنا عاملين بالقياس ما ألزمنا هذا، لأن المجتاز ما هتك حرزا ولا نقب، فكيف يقاس الناقب عليه؟! قال: وأيضا فلا يخلو الداخل من أنه أخرج المال من الحرز، أو لم يخرجه، فإن كان أخرجه فيجب عليه القطع، ولا أحد يقول بذلك، فما بقي إلا أنه لم يخرجه من الحرز، وأخرجه الخارج من الحرز الهاتك له، فيجب عليه القطع لأنه نقب وأخرج المال من الحرز، ولا ينبغي أن تعطل الحدود بحسن العبارات وتزويقاتها، وثقلها وتوريقاتها، وهو قولهم: ما أخرجه من كمال الحرز، أي شيء هذه المغالطة، بل الحق أن يقال: أخرجه من الحرز، أو من غير الحرز، ولا عبارة عند التحقيق سوى ذلك، وما لنا حاجة إلى المغالطات بعبارات كمال الحرز (1) انتهى.
وفي المختلف: وتحقيقه أن نقول: إن المقدور الواحد إن امتنع وقوعه من القادرين، فالقطع عليهما معا، لأنه لا فرق حينئذ بين أن يقطعا كمال المسافة دفعة، وأن يقطعاها على التعاقب، فإن الصادر عن كل منهما ليس هو الصادر عن الآخر، بل وجد المجموع منهما، وإن سوغناه فالقطع على الخارج; لظهور الفرق حينئذ بين وقوع القطع منهما دفعة أو على التعاقب (2).
يعني لا خلاف في أنهما إن أخرجاه دفعة من كمال الحرز قطعا، فإن امتنع وقوع مقدور واحد من قادرين، كان لكل منهما فعل غير فعل الآخر، وبمجموع الفعلين كمال الإخراج من الحرز. وكذا في المسألة فعليهما القطع كما عليهما هناك.
وإن ساغ أمكن الفرق بأنهما إذا أخرجاه دفعة فعل كل منهما كمال الإخراج بخلافهما هنا. والحق أن الخروج من الحرز آني وهو نهاية الحركة، فلا فرق بين امتناع وقوع مقدور واحد بقادرين وجوازه في أن الخروج في المسألة إنما تحقق