ظاهر عباراتهم، لأنه محلل، إلا فيما أخرج بدليل، مثل الرد والسلام على الأنبياء، لأن المجوز كان، وجوبه، وكونه مخاطبا بمثل حيوا وقد سقط ذلك، ولا نعلم خطابا آخر لا وجوبا ولا استحبابا، أما الوجوب فظاهر بسقوطه وعدم أمر آخر وأما الاستحباب، فلعدمه أولا، فيستصحب، وللأصل، لأن الكلام، مع عدم وجود أمر آخر دال عليه.
ومعلوم عدم استلزام رفع الوجوب، ثبوت الاستحباب والجواز أيضا، وهو ظاهر.
نعم لو ثبت كون كل واجب كفائي مستحبا عينيا بعد فعله أيضا، ثبت الاستحباب هنا، وليس ذلك بظاهر الدليل، ولي تأمل في غير السلام في الصلاة أيضا من الواجبات الكفائية بعد الفعل، وقد مر مثله في الصلاة على الميت بعد فعلها، معلوم عدم جواز فعله (غسله خ) مرة أخرى، فتأمل، نعم لو قيل بجواز الدعاء بالسلام، للمسلم مع استحقاقه فيجوز من ذلك الباب، وذلك غير بعيد، لما مر من جواز الدعاء بكل لفظ، وإن كلما كلمت به الرب فليس بكلام مبطل، إلا أن الظاهر إن الترك هنا أولى، لصورة التحليل والمنع منه، فهو أحوط.
الرابع: هل يجب الاسماع تحقيقا أو تقديرا، أم لا، والأول هو المفهوم من كلام المصنف في المنتهى وغيره كأنه المشهور، لعل دليله إنه المتبادر من الجواب، وإن مقصود الشارع جبر خاطره والعوض له: وإنه قصد المسلم، وهو إنما يتم مع الاسماع، وهو معذور مع العذر فيكتفى بالتقدير، فلا يعذر بدونه، والأصل يدل على العدم.
وقد يمنع التبادر والقصد فإنه غير ظاهر، لاحتمال قصده دعاء وتحية، والوجوب إنما يكون لدليل شرعي، لا، لأن مقصود المسلم العوض، ولصدق الرد المفهوم من الآية والأخبار لغة وعرفا، وما نعرف له شرعا معنى يكون الاسماع داخلا فيه، والأصل ينفيه، وعدم الأمر به في الآية والخبر كذلك.