رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا لهم: إن كان ذلك النص مما تقوم به الحجة لصحة اسناده فالقول به فرض، والطاعة له واجبة، وإن كان مما لا يصح كصحيفة عمرو بن حزم وصحيفة عمرو بن شعيب فلا حجة تقوم بشئ من ذلك، وأول من يشهد بهذا فأنتم لأنكم تتركون كثيرا مما في تينك الصحيفتين، ومن المحال أن تجعلوا بعض حكم جاء مجيئا واحدا حجة وبعضه ليس بحجة بلا دليل أصلا الا توهين ذلك مرة إذا اشتهيتم ولم يوافق حكمها تقليدكم وتوثيقها مرة إذا اشتهيتم ووافق تقليدكم حكمها ونحن نبين بعد هذا إن شاء الله تعالى كل ذلك فصلا فصلا، وان قالوا:
إنما أوجبنا الدية المؤقتة حيث أوجبها الصحابة رضي الله عنهم قلنا وبالله تعالى التوفيق إن كان أوجب ذلك جميع الصحابة رضي الله عنهم فالسمع والطاعة لاجماعهم لان اجماعهم هو الحق المقطوع به على صحته وانه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى وإن كان هو قولا عن بعض الصحابة فأنتم معشر الحاضرين من خصومنا مخالفون لذلك فقد جاء عن بعض الصحابة فيما دون الموضحة تحديد دية وأنتم لا تقولون بذلك فالاضراب عما صححتموه خطأ وافساد لاحتجاجكم فصح انكم لم تتعلقوا ههنا بقياس ولا بقول صاحب ولا بنص صحيح ولا بنص تلتزمونه وان لم يصح وما كان من الأقوال هكذا فهو غير صحيح بيقين مقطوع على أنه باطل عند الله تعالى بلا شك * والثالث انكم قد أبطلتم هذا القياس أيضا لان لا نص في القرآن جاء في كفارة قتل النفس بالخطأ برقبة مؤمنة أو بصيام شهرين متتابعين لمن لم يجد مع الدية، فمن عجائب الدنيا أن تقيسوا ما دون النفس على النفس في ايجاب كفارة في بعض ذلك أو ايجاب بعض الدية في بعض ذلك ثم لا تقيسوا ما دون النفس على النفس في ايجاب كفارة في بعض ذلك حيث تجب الدية كاملة أو بعض كفارة في بعض ذلك حيث تجب بعض الدية فهذا تحكم في القياس ما سمع بأسقط منه، ولئن كان قياس ايجاب الدية أو بعضها فيما دون النفس على وجوب ذلك في النفس حقا فان قياس ايجاب الكفارة أو بعضها فيما دون النفس على وجوب ذلك في النفس لحق ولئن كان أحد القياسين المذكورين باطلا لا يجوز فان القياس الآخر باطل لا يجوز، وهذا ما لا خفاء به عن ناصح لنفسه لا سيما والكفارة أوجب وأوكد من الدية لان الله تعالى لم يوجب الدية في القرآن الا وقد أوجب معها الكفارة وقد أوجب الله تعالى الكفارة وأسقط الدية قال تعالى: (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله الا أن يصدقوا) ثم قال تعالى: (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) فأوجب تعالى الكفارة في قتل الخطا الذي ذكر في القرآن