وأما بالذرع وأما بالصفة، ولا تدرك المماثلة بين الأعضاء والجراحات وبين الأموال أبدا الا بنص وارد من الله تعالى في ذلك، هذا أمر يعلم بالضرورة بل المماثلة ممتنعة في ذلك جملة لأنه لا يجوز أن يمثل ما يتملك بما لا يحل تملكه فإذا الامر كذلك فلا سبيل إلى الحكم بالمماثلة في ذلك إلا مما صح فيه نص أو اجماع ومن فعل ذلك فقد أخطأ بيقين إذ حكم بالمثلية في شيئين ليس أحدهما مثلا للآخر وان تملك الأموال بالخطأ ممكن واسترجاعها بأعيانها ممكن واسترجاع أمثالها ان فاتت أعيانها ممكن والأعضاء والجراح لا يصح للجاني تملكها لا عمدا ولا خطأ ولا يصح استرجاعها أصلا ولا استرجاع أمثالها فقياس أحد هذين الوجهين على الآخر قياس فاسد لأنه قياس الضد على ضده في الحكم وإنما يقول أصحاب القياس بقياس الشئ (1) على نظيره لاعلى ضده، وانهم قد أطبقوا على ابطال هذا القياس من حيث هو أقرب شبها بما قاسوه عليه وذلك انهم لا يختلفون فيمن غصب حرا فتملكه واسترقه فمات في تملكه فإنه لا يضمنه ولا يضمن فيه قيمة ولادية الا أنه روى عن مالك ان باعه ففات فلم يقدر عليه أنه يودى ديته فإن كان غصب الحر لا يقاس على غصب المال لا في الخطأ ولا في العمد بلا خلاف فالجراح وكسر العضو وقطعة أبعد من أن يقاس على الأموال، وهذا لاخفاء به والحمد لله رب العالمين * فان ذكروا ما حدثناه أبو عمر أحمد بن قاسم في منزله بمدينة قرطبة عند مسجد القصارين قال: حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم حدثني جدي قاسم بن أصبغ نا عبد الله بن روح نا يزيد بن هارون نا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء السلمي عن أبي شريح الخزاعي قال قال.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أصيب بدم أو خبل والخبل الجراح - فهو بالخيار في احدى ثلاث اما ان يعفو واما ان يقتص واما ان يأخذ العقل فان أخذ شيئا من ذلك ثم عدا بعد ذلك فان له النار خالدا فيها " * وحدثناه عبد الله بن ربيع قال نا عمر بن عبد الملك نا محمد بن بكر البصري نا سليمان بن الأشعث نا موسى بن إسماعيل نا حماد بن سلمة نا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء عن أبي شريح الخزاعي ان النبي صلى الله عليه وآله قال: " من أصيب بقتل أو خبل فإنه يختار احدى ثلاث اما أن يقتص وأما أن يعفو واما أن يأخذ الدية فان أراد الرابعة فخذوا على يديه (2) فان اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " نا حمام نا عباس بن أصبغ نا محمد ابن عبد الملك بن أيمن نا حبيب بن خلف نا أبو ثور إبراهيم بن خالد نا يزيد بن هارون