الحديث نفسه فاسقط بين عوف وعلقمة أبا عمرو المذكور، والثاني من رواية سماك بن حرب وهو يقبل التلقين ثم لو صحا لكانا حجة لنا عليهم لان في أحدهما أنه عليه الصلاة والسلام قال لولى القاتل أتعفو؟ قال لا قال أفتأخذ الدية؟ قال: لا قال أفتقتل قال: نعم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيار في العفو أو القود أو أخذ الدية لولى المقتول دون أن يستشير القاتل أو يلتفت إلى رضاء وهذا قولنا لا قولهم، والآخر أن فيه عليه الصلاة والسلام قال للقاتل ألك مال تؤدى ديته قال: لا قال أفرأيت ان أرسلتك تسأل الناس تجمع ديته؟ قال:
لا: قال فمواليك يعطونك ديته؟ قال لا " * قال أبو محمد رضي الله عنه: ومن لا مال له ولا يطمع في أن يجمع له الدية لا الناس ولا مواليه الذين لا شئ عليهم من جنايته فلا يجوز تكليفه مالا يطيق * واما خبر أنس فساقط لأنه من طريق عبد الله بن شوذب وهو مجهول ثم لو صح لكان حجة لنا كما قلنا في خبر وائل لان فيه تخيير الولي بين أخذ الدية أو القود أو العفو فكيف وهما خبران موضوعان بلا شك لان فيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا يكن أن يقولوه من ايجاب النار على من أخذ حقه الذي أعطاه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أمره عليه الصلاة والسلام إياه فقتل من نهاه عن قتله، فهذا تناقض قد نزه الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عنه * وأما قولهم: لو كانت الدية واجبة بالعفو وان لم يذكر لما كررها عليه الصلاة والسلام فليس كما ظنوا وإنما ذكر عليه الصلاة والسلام عفوا مطلقا عاما لا عفوا خاصا عن الدم فقط وكذلك نقول إن عفا عن الدم وحده خاصة فالدية باقية له وان عفا عفوا عاما عن الدم والدية فذلك له * وأما خبر ابن طاوس عن أبيه فمرسل ولا حجة في مرسل، ثم هو أعظم حجة على الحنيفيين والمالكيين لخلافهم لما فيه، أما الحنيفيون فالدية عندهم في شبه العمد بخلاف ما فيه لكن أرباعا جداع وحقاق وبنات لبون وبنات مخاض، وأما المالكيون فلا يرون في شبه العمد شيئا أصلا، فمن أعجب ممن يحتج بما هو أول مخالف له ويصححه على من لا يصححه ثم ليس فيه الا كما في العمد ما اصطلحوا عليه إذا اصطلحوا، ونحن نقول بهذا ولا نخالفه، وأما ذكرهم قول الله عز وجل:
(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفس منه " فصحيح كل ذلك وهو قولنا، وقد قال الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فإذا أوجب الله تعالى الدية أو رسوله صلى الله عليه وسلم فقد وجب أحدهما على رغم انف الزاعم رضى الذي يؤخذ منه أو كره طابت نفسه أو خبثت كما قلنا، وقالوا في العاقلة