شيئا من ذلك (وما كان ربك نسيا) والمفرق بين هذه الأحكام متناقض شارع من الدين ما لم يأذن به الله عز وجل، فان قيل فمن أين حكمتم بذلك في الكتابيات إذا طلقهن المؤمنون وأنتم تبطلون القياس؟ قلنا لقول الله تعالى: (وان احكم بينهم بما أنزل الله) وبقوله تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) وأخص من هذا كله بجواب هذا السؤال قوله تعالى: (لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تقرضوا لهن فريضة) الآية فعم عز وجل جميع النساء ولم يخص مؤمنة من كافرة، فهذا قوله عز وجل في غير الموطوءة واما في الموطوءة فقول الله عز وجل:
(يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك امرا) والعدة لا تكون من الطلاق إلا في موطوءة فعلمنا الله عز وجل كيف يكون طلاق الموطوءة وأخبرنا ان تلك حدود الله وان من تعداها ظالم لنفسه فصح ان من ظلم وتعدى حدود الله عز وجل ففعله باطل مردود لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " فصح أن الطلاق المذكور لا يكون إلا للعدة كما امر الله عز وجل فنظرنا بيان مراد الله عز وجل بقوله: (فطلقوهن لعدتهن) فوجدنا ما رويناه من طريق مسلم نا محمد بن عبد الله بن نمير نا أبى نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:
" طلقت امرأتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها أو يمسكها فإنها العدة التي امر الله ان تطلق لها النساء " فكان هذا بيانا لا يحل خلافه وقد روى هذا الخبر بنقصان عما أوردناه، منها ما رويناه من طريق شعبة عن قتادة قال سمعت يونس بن جبير قال سمعت ابن عمر يقول طلقت امرأتي وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مره فليراجعها فإذا طهرت فان شاء طلقها " * قال أبو محمد: وروينا الاخذ بهذا عن عطاء قال على وزيادة العدل لا يحل ترك الاخذ بها وهو خبر واحد عن قصة واحدة في مقام واحد، واما طلاق الحامل فكما روينا من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا وكيع عن سفيان الثوري عن محمد بن عبد الرحمن مولى لطلحة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر انه طلق امرأته وهي حائض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو