لكنه لا يغني من الحق شيئا، فمقتضى قصور الأخبار عن إثبات عدم التذكية مطلقا تعبدا البناء على الطهارة وجواز لبسها وسائر الانتفاعات بها إلا الأكل. وأما جواز الصلاة في أجزائها فمع عدم جريان أصالة عدم التذكية والبناء على البراءة في الأقل والأكثر هو ذلك مع قطع النظر عن الأخبار، فلا بد من التماس دليل على المنع، وفي كل مورد قصرت الأدلة عن إثبات المنع يحكم بالجواز على طبق القواعد.
ثم إن الأخبار في المقام على طوائف:
منها - ما تدل على جواز الصلاة فيها إلا بعد العلم بالذكية كموثقة ابن بكير قال: " سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب - إلى أن قال -: فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي وقد ذكاه الذبح " (1).
ومنها - ما تدل على الجواز مطلقا حتى يعلم أنها ميتة. كصحيحة جعفر بن محمد بن يونس " أن أباه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الفرو والخف ألبسه وأصلي فيه ولا أعلم أن ذكي، فكتب لا بأس به " (2) وموثقة سماعة " أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام في تقليد السيف في الصلاة وفيه الفراء والكيمخت، فقال: لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة " (3) ورواية علي بن أبي حمزة " أن رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن الرجل يتقلد السيف ويصلي فيه قال: نعم، فقال الرجل: إن فيه الكيمخت، قال: وما الكيمخت؟