ودعوى الانصراف إلى ما يشترى من سوق المسلمين وإن لم تكن بعيدة ذلك البعد، لكن حملها على مراتب الفضل في التنزه أو مراتب الكراهة في الارتكاب لعله أقرب، بأن يقال: إن ما شك في تذكيته تصح الصلاة فيه إلى أن يعلم كونه ميتة أو قامت أمارة عليه، لكن يكره ارتكابه، وترتفع كراهته بمراتبها إذا علم وجدانا تذكيته أو صنع في مثل أرض الحجاز. كما هو ظاهر صحيحة الحلبي الأخيرة.
وعليه يحمل فعل زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام وتنزهه عما صنع في أرض العراق، وفعل أبي جعفر عليه السلام على ما في رواية عبد الله بن سنان قال: " سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أهديت لأبي جبة فرو من العراق، وكان إذا أراد أن يصلي نزعها فطرحها " (1) فإن اشتراؤه وقبول هديته ولبسه وعدم التنزه عنه إلا في الصلاة دليل على أنه على سبيل الفضل.
وكذا ترتفع ببعض مراتبها أو جميعها إذا اشترى من سوق المسلمين من مسلم ضمن تذكيته، وهو ظاهر رواية الأشعري. فإن الاشتراء من السوق منصرف إلى الاشتراء من سوق المسلمين، والظاهر من قوله عليه السلام: " إذا كان مضمونا " أن الضامن البائع المسلم لا الكافر، فإنه في غاية البعد، فمع قيام أمارة أو أمارتين - أي سوق المسلم وبيعه على التذكية - لا يكون اعتبار الضمان إلى علي الفضل وترتفع ببعض مراتبها فيما إذا صنع في أرض الاسلام أو أرض كان الغالب عليها المسلمون أو صلى فيه المسلم أو كان في سوق المسلمين والحمل المذكور قريب جدا. لكن المانع منه موثقة ابن بكير المتقدمة حيث أن ظاهرها أن الصلاة في الجلود مع عدم العلم بتذكيتها فاسدة،