السوق فأشرب من المياه التي فيه، فقال. اشرب منها حتى تعلم أنها قذرة " تقييد الرواية الأولى بالثانية؟ فيقال: لا يجوز الشرب إلا مع قيام أمارة - وهي سوق المسلمين - على الطهارة.
فهل المقام إلا نظيره؟ إذ قال عليه السلام في مورد: " لا بأس به ما لم تعلم أنه ميتة " وسئل في مورد " أني أعترض السوق فأشتري الخف وأصلي فيه فقال: صل حتى تعلم أنه ميتة " فهل الذهن الخالي عن شبهة جريان أصالة عدم التذكية وأنه لا بد من قيام أمارة يدفع بها الأصل ينقدح فيه غير ما ينقدح فيه من المثال المتقدم، فكما لا يتوهم منه أمارية السوق كذلك فيما نحن فيه، سيما مع ما تقدم من عدم جريان أصالة عدم التذكية.
إن قلت: نعم ولكن إلقاء الخصوصية وفهم الاطلاق أشكل، قلت: إنما المراد عدم صالحية تلك الروايات لتقييد المطلقات لا التمسك باطلاقها، مع أن الانصاف أن عد تلك الروايات في عداد المطلقات أقرب إلى الفهم العرفي من عدها في المقيدات والبناء على أمارية سوق المسلمين، سيما إن قلنا: إن إحراز عدم التذكية يحتاج إلى أمارة، لا جواز الصلاة ونحوه.
وأما سائر الروايات ما عدا موثقة ابن بكير وموثقة الهاشمي فالجمع بينها بالحمل على مراتب الفضل في التنزه عن المشكوك فيه أقرب من تقييد المطلقات أو حملها على مورد قيام الأمارة، فإن الظاهر من قوله عليه السلام: " صل فيها حتى تعلم أنه ميتة بعينه " وما هو نظيره أن تمام الموضوع لجواز الصلاة هو عدم العلم بكونه ميتة، وعدم اعتبار قيام الأمارة على التذكية في الجواز، وإرجاع مثله إلى مورد قيام الأمارة بعيد عن الأذهان.